( أمـــــي )

………………

صيفا
تنقل الحقول في صرتها
تلتقط الندى
لتحشو بها عينيها
وتمشي
حيث أظافرها تجرح الطريق
تدخل رئتيها في الشجر
والطيور الجارحة
بذراعيها تكبل جسدها
كيلا يهرب منها
شتاء
تخبز روث البقر
تلصقه على الجدران
حتى تنضج غرفتنا الواطئة
من الدخان
وسعالنا الممشوق
منذ عشرين سنة
حملت المدينة
في جيوبها السرية
مع ليرات قليلة
وسبعة أطفال
مشدودين إلى سنانير الصوف
حكتهم
بالجبال
وصمتها البراق
كلما وقعت من حافة اليأس
ارتطمت بصور القديسين
ووجه أبي الشائك
تنقي المواويل
في طناجر النحاس
وتسحب النار إلى سريرها
دائما
تلف ضوء القنديل على يدها
حتى لا تقع الكوابيس في عيوننا
منذ عشرين سنة
ضمدت راحتيها بنباتات متسلقة
ورفعت الكروم وأطفالها
على ظهرها المرقع
في الأعياد تضع في جيوبنا
الكستناء والزبيب والحمص المحروق واللوز
نترك ضحكاتنا تلمع على كفيها
حتى يسيل لحمها الساخن في كل ارض ونبع .