هدايا إيران لجيرانها وحلفائها
سيكون الأمر ثقيلا إذا طرحنا السؤال: ماذا قدمت إيران الخمينية للشعوب المسلمة منذ أن خطف الخميني انتفاضة الإيرانيين وصبغها بألوان الطائفية البغيضة، مختصرا الدين والشريعة السمحاء إلى حروب لا تنتهي إلا بفناء البشر على هذا الكوكب، السؤال الذي يرمي بأثقاله على المواطن الإيراني قبل غيره، ماذا قدمت إيران الخمينية منذ العام 1979 للمسلمين؟ ماذا قدمت للمواطن الإيراني؟ أي تحالفات أقامها الحكم في إيران مع دول العالم؟ أي أصدقاء للشعب الإيراني؟ أين إيران بعد بعد 41 عام من حكم الملالي؟ أي حلفاء لها وماذا تقدم لهم؟
يبدو واضحا بعد أربع عقود من الخمينية في إيران خريطة تحالفات إيران مع محيطها والعالم، حيث تعيش إيران عزلة دولية لا توازيها في هذا العالم إلا حلفائها، كوريا الشمالية، سوريا وما تبقى من الدول لا نستطيع الذهاب معها إلى اعتبار أن العلاقة بينها وبين إيران هي علاقة تحالف استراتيجي، كما هو الحال مع العلاقة الروسية الإيرانية، حيث ترتبط روسيا مع إسرائيل بحلف وثيق لا يمكن معها مواصلة العلاقة مع إيران ويبدو الأمر واضحا في ساحة الحرب السورية، حيث تقوم إسرائيل بقصف الميليشيات التابعة لإيران ومواقع الجيش والخبراء الإيرانيين وتصطاد خبرائها العسكريين على مرأى ومسمع الجيش الروسي دون أن يتحرك ساكنا، بل العكس، حيث تشير المعطيات المسربة أن روسيا هي التي تعطي الطيران الإسرائيلي الاحداثيات التي تساعد في دقة التصويب على الأهداف المنشودة، ونفس الحال مع الصين التي تعتبر إيران مصدرا للنفط بعد موافقة المجتمع الدولي لها.
يقال في الأثر أن قيمة الدول في تحالفاتها القائمة على المصالح القومية المتبادلة، الدولة تكون قوية ومتماسكة حين تحقق تحالفات قوية ومتوازنة مع دول العالم وأولها دول الجوار، ولا يمكن بأي حال اعتبار التحالف مع ميليشيات منفلتة إلا دليلا على تحول الدولة إلى دولة ميليشيات منفلتة، وهنا نتوقف عند الحالة الإيرانية حيث يلاحظ الجميع أن علاقات إيران الخارجية الوحيدة الثابتة هي التي تربطها مع ميليشيات طائفية غير مقبولة في أماكن تواجدها إلا عبر حواضنها الطائفية التي تقدم الانتماء إلى إيران على الانتماء إلى الأوطان والقوميات التي تنتمي لها، فمن ميليشيات حزب الله اللبناني والتي تعتبر نفسها جزءا من جيش “ولاية الفقيه” وليس الجيش الإيراني الغائب منذ العام 1979 لصالح الفكرة الميلشوية، جيش “ولاية الفقيه”، إلى ميليشيات ” أنصار الله” المعروفة بميليشيات الحوثي في اليمن والتي تعتبر فصيلا من ميليشيات “ولاية الفقيه” الإيراني إلى ميليشيات الحشد الشعبي وباقي الميليشيات التي حولت العراق إلى جثة تتقاذها أرجل أمراء الحرب الإيرانيين.
لم تقدم إيران لحلفائها الميلشويين ولجيرانها المسلمين في محيطها والعالم إلا لغة الكراهية والقتل ولم تمدهم حتى يومنا هذا إلا بالسلاح ليدمروا أوطانهم ويقتلوا بعضهم البعض، والمثير للشفقة أن هذه الميليشيات ولتخمة الاسلحة بيدها وعدم توفر غيرها لديها، تصطدم فيما بينها حين تغيب الأوامر الإيرانية عنها كما حصل ويحصل دائما في المستنقع العراقي حيث تواجه الميليشيات التابعة لإيران بعضها البعض وتتآكل كل حين، كذلك الحال في لبنان المقبل على انفجار كبير ستأكل فيه الميليشيات الإيرانية بعضها، بعد أن سدت إيران دروب الحياة أمامها ولم يبق من حل في الأفق لها، الشعوب لن تأكل الأسلحة ولا تستطيع حواضن حزب الله أن تحارب حتى النهاية والأسلحة غير صالحة للأكل.
دائما تجد إيران الخمينية ضالتها في شبيهتها في المقلب الآخر، ميليشيات الإخوان المسلمين في العالم الإسلامي، الذي استمد الخميني منها فكرته العمياء حول الدولة ـ الجماعة، الكارهة للبشر، دولة دار الحرب المقدسة، جمع بين النار والنار فتأكل النيران بعضها البعض، هذا ما يوضحه المشهد اليمني، حيث مواجهة الإخوان المسلمين “الاصلاح ـ الحوثي” واقع محقق ولو تم تأجيله حينا من الوقت، لنا في تجربة غزة حيث صدامات الجهاد وحماس المكررة أو في الملعب السوري حين تصدرت حماس المواجهات الأولى مع الميليشيات الإيرانية ولن ننسى الساحة اللبنانية حيث تحولت مخيمات الفلسطينيين فيها إلى مخيمات أشباح لا حياة فيها وكل ذلك بفضل حلفاء إيران وهداياها لهم ” مخيم نهر البارد نموذجا”.
هدايا إيران لحلفائها في العالم لا تتعدى حدود الأسلحة وجرعات الكراهية المتضخمة كل يوم لمحيطها والعالم، فإلى أين سينتهي بها المطاف بعد أن اصبطغت الدول التي تتواجد فيها إيران وحسينياتها بلون دماء أبنائها وامتد الخراب ليصبح ماركة إيرانية إخوانية بامتياز؟ أما آن الأوان للعالم الإسلامي أن يتقدم الصفوف لمواجهة الخراب الإيراني؟ أما آن الأوان لكلمة سواء بين المسلمين وأن يزيلوا أشواكهم بأيديهم؟ هل سكوت المسلمين على ترك الحبل لإيران الخمينية بوسم الإسلام بالأرهاب علامة رضا؟ لا ، ليس صحيحا وأن غد لناظره قريب.