عبد الخالق عبد الله: المنطقة تعيش مرحلة محمدية.. ومصر قادرة على حسم أزمة طرابلس .

في ظل الأوضاع الراهنة التي يشهدها العالم العربي، سواء على مستوى النزاعات الإقليمية في اليمن وليبيا، والإرهاب الذي تدعمه قطر، وكذلك الوضع العالمي مع تفشي جائحة كورونا، وهبوط أسعار النفط، والهزة العنيفة التي تعرض لها الاقتصاد العالمي، وحالة الإغلاق التام التي يعاني منها العالم، ونظرا لما لمجلس التعاون الخليجي من دور هام في التعامل مع تداعيات الأوضاع الراهنة، تواصلت “الدستور” مع الدكتور عبد الخالق عبد الله، الباحث والأكاديمي الإماراتي، والمقرب من صناع القرار في الإمارات، والذي صدرت له عدة مؤلفات تتناول الشأن العربي وآخرها “لحظة الخليج في التاريخ العربي المعاصر”، للوقوف على تداعيات الأوضاع الحالية.. وإلى نص الحوار:

• مع تفشي جائحة كورونا وهبوط أسعار النفط.. كيف ترى موقف مجلس التعاون الخليجي من الأزمة؟

– لا شك أن دول مجلس التعاون الخليجي تواجه بدلًا من صدمة واحدة عليها أن تواجه صدمتان عنيفتان ربما هما الأعنف في التاريخ الحديث والمعاصر لهذه الدول: صدمة فيروس كورونا وصدمة انهيار أسعار النفط. والمؤكد أن الحكومات الخليجية لا تستهين بهاتين الصدمتين ولا تستهين بما جلبت من صعوبات اقتصادية وخلقت أزمات مالية مستعصية وقد تكون مزمنة وممتدة حتى نهاية 2020 وربما أبعد من ذلك.

لكن بقدر أن دول الخليج لا تستهين بهاتين الصدمتين فإنها أيضا لا تستهين بقوة اقتصادها وبما تملك من قدرات وإمكانيات ضخمة لامتصاص هذه الصدمات والخروج بأقوى مما كانت عليه. فمنذ الآن هناك لجان عمل تضع سياسات لمواجهة الصعوبات الآنية وتخطط لمرحلة ما بعد كورونا وما بعد انهيار أسعار النفط. في تقديري أن سنة 2020 هي سنة استثنائية ليس لدول الخليج العربي فحسب بل للدول العظمى والقوى الكبرى والمتوسطة والدول الفقيرة. والتقديرات أن العالم سيستعيد عافيته واقتصاديات العالم ستعود من جديد لفترة من النمو الاقتصادي السريع وستكون دول الخليج العربي في مقدمة الدول التي ستستعيد الحياة الطبيعية وستبدأ النمو الاقتصادي السريع.

• إلى جانب الأزمات الاقتصادية هناك أزمة فكرية تتعلق بتفشي الأفكار المتشددة.. كيف تقيم دور قيادات الخليج في التعامل مع تلك المعطيات؟

– الأمير محمد بن سلمان في السعودية يقود حاليا حركة إصلاحية جذرية وعميقة ويعمل على تأسيس سعودية جديدة متخففة من التشدد والغلو وما أنجزه خلال 3 سنوات فقط لم يستطيع أحدا إنجازه خلال الـ30 سنة الأخيرة. كما أن الشيخ محمد بن زايد في الإمارات يقود رحلة الإمارات نحو العالمية بخلقه شبكة واسعة من علاقات الصداقة الاستراتيجية الممتدة من طوكيو شرقا إلى واشنطن غربًا ومرورا بجميع العواصم الكبرى في قارتي آسيا وأوروبا. وهما معًا يقودان المنطقة العربية بأسرها نحو الاستقرار والاعتدال.

لقد دخلت المنطقة العربية إلى نفق عدم الاستقرار المظلم والمزمن والسعودية والإمارات في طليعة الدول التي تعمل على إعادة الاستقرار لمنطقة عربية فقدت الاستقرار وهما أيضا معًا وسويا وبالتنسيق التام مع القيادة في مصر يعملان على إعادة الاعتدال لمنطقة عربية اختطفت من قبل قوى الفوضى والتطرف والتشدد والغلو الديني. نحن فعلا نعيش مرحلة محمدية وذلك نسبة للدور القيادي الذي يقوم به كل من الأمير محمد بن سلمان والشيخ محمد بن زايد.

• كيف تقيم حال العلاقات والتنسيق بين الإمارات والسعودية ومصر؟

– علاقة الإمارات بمصر في أحسن حالاتها والتنسيق بين القاهرة وأبوظبي يتجه من حسن إلى أحسن وهناك ليس توافق بل تطابق تام تجاه ملفات المنطقة الساخنة وهناك توافق أكبر حول من هم الأعداء ومن هم الأصدقاء. العلاقات استراتيجية كما أنها أصبحت شخصية فحب مصر يزداد في قلب مليون إماراتي وحب الإمارات يسكن قلب نحو مليون مصري. هذا هو أكبر مكسب تحقق من جراء هذا التطور الكبير في العلاقات بين مصر والإمارات. وأنا على يقين أن مستقبل هذه العلاقات واعد وأرى أن هذا الأمر يسري على علاقة مصر مع السعودية. لذلك فان مهما برز من خلاف في بعض المواقف تجاه بعض الملفات إلا أن التنسيق السعودي المصري الإماراتي صامد وصلب وأسسه قوية.

• كيف تقرأ الدور القطري في دعم الإرهاب في المنطقة؟

– قطر كانت وستظل دولة شقية ومشاكسة ومحرضة وتستهدف السعودية ومصر والإمارات بشكل خاص. هكذا كانت وهكذا ستظل ولن يتغير نهجها قريبا رغم المقاطعة المستمر لأكثر من ثلاث سنوات. ورغم أن قطر تدفع غاليا ثمن هذا النهج التحريضي إلا أنها لن تتراجع عنه إلى أن ينتهي دور الحرس القديم الذي يقود سياسات قطر. الحرس القديم ممثلا في الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة والمستشارين من حوله أسسوا هذا النهج المفروض فرصًا على سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد.

• بالحديث عن الأفكار المتشددة.. هل جماعة الإخوان إلى زوال؟

– الإخوان في عموم المنطقة العربية في أضعف حالاتهم وتحت حصار لم تشهده هذه الجماعة في كل تاريخها الممتدة لنحو 80 سنةً. لكن رغم أن تنظيم الإخوان محاصر ومنبوذ أكثر من أي وقت آخر إلا أن فكر الإخوان لازال له حضور وجمهور ومستمر وقد يعود من جديد ومن الصعب اقتلاعه كليًا ونهائيًا. لقد تراجع حجهم ونفوذهم لكن لا أحد يراهن على اختفاء هذا التنظيم خاصة أنه مدعوم سياسيا وتنظيميا من أردوغان ويحصل على كل الدعم المالي والإعلامي من قطر حاليا. الإخوان أحد منغصات الحياة السياسية العربية تتراجع احيانا وتعود من جديد أحيانا أخرى.

• وماذا عن الملف الليبي.. كيف برأيك يمكن حسمه؟

– ليبيا أرض خصبة للإرهاب وطرابلس هي عاصمة أخطر المليشيات الإرهابية المسلحة في قارة أفريقيا. هذه المليشيات هي التي تسيطر على حكومة الوفاق التي فقدت صلاحيتها وهي التي تحكم العاصمة طرابلس وتتحكم في موارد ليبيا ومؤسساتها. وأصبحت هذه المليشيات مدعومة بتركيا وبمرتزقة أردوغان ولا خيار سوى دعم قوى الاعتدال في ليبيا بكل الوسائل. وأتمنى أن يكون للجيش المصري دورا فاعلا خلال المرحلة القادمة فهو وحده القادر على حسم معركة طرابلس خلال 48 ساعة وإعادة الاستقرار إلى ليبيا وتحريرها من قوى الإرهاب والتطرف.

” عن جريدة الدستور المصرية، أجرت الحوار : سميرة إبراهيم

اترك رد