عن الدعوة للتظاهر في المدن السورية
كلام في السياسة
قبل كل شيء أقف أجلالا أمام صمودكم الأسطوري في بلاد أصبحت الحياة فيها مستحيلة.
لا أدّعي أنني أفهم البلاد أكثر منكم ولا يمكن أن ألقنكم دروسا في كيفية الحصول على حقوقكم المنتهكة والتي تشمل كافة جوانب الحياة ولأنني في مأمن من كل خطر لا ولن ادعوكم إلى تعريض أنفسكم للمخاطر.
أردت توضيح بعض الأمور حول الدعوة للمظاهرات السلمية التي تطالب بأبسط حقوق الحياة وهو حق الحصول على لقمة العيش بالحد الأدنى، لقمة العيش التي أصبحت حلما يراود أغلبكم.
نعم إن التظاهر من أجل العيش حق لا يمكن النقاش حوله، بل أكثر من حق ، ولكن ممن ستطالبون؟ فاقد الشيء لا يعطيه، لنطرح اسئلتنا أولا: هل تملك الدولة السورية حلولا للأزمة الاقتصادية الخانقة ؟ هل يملك النظام حلولا لأزمات الكهرباء والغاز والخبز وارتفاع سعر الدولار ومعه ارتفاع أسعار جميع المواد الغذائية؟
نحن أمام هزيمة معممة في سوريا، كل الأطراف في سوريا مهزومة ولا أحد يملك أي أفق للحل، المهزومون لا يمكن أن يملكوا حلولا لشيء، لقد هُزم النظام وهزمت المعارضة وعمت الهزيمة المجتمع السوري، لن نقول ومن كان السبب، تقاسم الجميع أسباب هذه الهزيمة الفاضحة بمظاهرها، القاسية بملامحها التي لا تحتمل ولم يعد أحد يملك من أمره شيء وليس في متناول الأطراف السورية إلا بقايا أسلحة لا تنفع إلا لقتل مواطنيها العزل الفقراء، لقد قضت الحرب على كل شيء، ولم يعد بإمكان السوري إلا التفكير في طرق مناسبة للبدء بمرحلة جديدة يتيح فيها للمهزومين فرصة الانسحاب والجلوس جانبا.
إن الحل لم يعد بمتناول النظام في دمشق ولا في بمتناول هياكل المعارضة، حيث لا يعدو دورهم اجترار الكلمات التي تثير الغثيان، يعلم ذلك الأطراف جميعا ومموليهم.
إذن لا يمكن الضغط على من لا يملك الحل، فالشيء الوحيد الذي بيده بندقية مهترأة تمرنت على قتلكم لا أكثر، الحل في مكان آخر بعيد عن التظاهر ولن يكون السوري حائرا إذا بحث عن طرق للحل، لنفكر جميعا بهذه الطرق بعيدا عن الاستزادة في الضحايا، فقلوب الأمهات لم تعد تتحمل المزيد من الآلام، ولكم كل مافي القلب من المحبة ما يغمر البحار والمحيطات