أيّ حزنٍ يبعث به المطر؟!

كتب لي في إحدى رسائله الأولى 🙁 “أتعلمين أيَّ حُزْنٍ يبعث المطر ؟
وكيف تنشج المزاريب إِذا انهمر ؟
وكيف يشعر الوحيد فيه بالضّياع ؟
بلا انتهاء – كالدَّم المراق ، كالجياع ،
كالحبّ ، كالأطفال ، كالموتى – هو المطر !” قالها بدر شاكر السياب قبل سنوات طوال، هل تعرفين بدر شاكر السياب، هل تعلمين أن أبي وأمي هربا من نفس المنطقة؟ هربا لأنهما ضحايا الحروب والصراعات التي لم تنتهي أبداً في العراق، ها أنا أيضا أهرب من المكان الذي لا أعرف سواه، من الشام، جنة الله على هذه الأرض، المكان الذي لم أعرف سواه قبل هذه الحرب، نعم أفتقد الشام، لذلك أكتب لك، أشعر أنني أسدد دينا قديما لهذه المدينة برقبتي، فقد منحتني الحياة التي استحقها، هذا يكفي، المدينة التي منحتني المحبة، قبل الحرب. لم أكن أعرف أن أهلي على المذهب الشيعي، كانت الهجرة الأولى لي مع العائلة، حين تم نقلنا على وجه السرعة من دوما إلى السيدة زينب، أصاب قلبي بعض الصدوع ولكني بقيت أتردد على شوارع الشام، أكتشفت أنني محسوب على طرف معادي لطرفي الآخر، كلاهما كانا أطرافي في الحياة، فقدت الاتجاهات فأقدمت على الجناية التي لاغفران لها، غادرت مدينة الحياة والحلم، كررتُ ما عاشه أبي وأمي الهاربين من حروب لا تنتهي صوب الشام المطمئنة أبدا، وها أنا تحت المطر أسيل قطرةً قطرةً وتسقط عن حساباتي رغبات الحياة كلها، بعيدا عنك يا شام لا أستطيع أن أكون بخير)
الرسالة كتبها صديق عراقي تشاركنا مشاق الوصول إلى حيث شروط الحياة محققة لمن لم يمت بعد، أسير في شوارع مدينتي وأنظر، هل ما زالت سوريا على قيد الحياة؟!

https://kalamfisyassa.com

اترك رد