اعيدي ابني

حصل أن تزوجت برسامة أغرتني أصابعها الملونة عندما طبعتها على جدار بيتي ، حتى أنني لم أمسحها بعدما غابت عني بلا سبب معقول ،او لأقل بشكل أوضح إنها هجرتني هكذا بلا دلائل موثقة تتيح لي ان ادرك بغريزتي أنها ستفعل. بحثت عنها في كل مكان ، عند صديقاتها المعتادين ، وفي المستشفيات وعند نقاط التفتيش وفي مراكز الحدود . والاماكن التي كنا نرتادها من قبل . لم أوفق بالعثور عليها. أغرب مافي الامر انها اختفت فور إخباري أنها حامل . صرت اراها في احلامي كثيرا مع طفلي الذي كنت أتخيل أنه سيأتي بملامح تشبهني . ومضت شهور ازددت فيها انعزالا وغربة عما يحيط بي .فانقطعت عن وظيفتي إلى أن استلمت قرار فصلي نهائيا من عملي . مع مرور الوقت أصابني جوع شديد فغدوت أبحث في القمامة عن الذي يؤكل ، وفي مرات كثيرة كنت اتسول ثمن رغيف خبز . وفي أحد الايام سرت طويلا تحت وابل من المطر الشديد ، فتبللت من قمة رأسي إلى أخمص قدمي ، تغلغلت الرطوبة إلى عظامي فأصابتني هزة ورعشة برودة. وبينما كنت على هذه الحال وإذ بسيارة مسرعة تقودها امرأة صدمتني ، فارتفعت في الهواء وفي تلك اللحظة برق وجه زوجتي خلف المقود . انا متأكد من أنها هي ، ولا يمكن ان يكون غير ذلك ،فلزوجتي شامة تزخرف خدها الايمن ، ولهذه المرأة نفس الشامة . عندما نزلت من سيارتها اقتربت مني فأمسكت بها من ياقتها وقلت لها : لم أزل يدك عن جداري . أرجوك أعيدي لي ابني . .ردت علي وهي تبكي : انا لست زوجتك وغبت عن الوعي . عندما صحوت وجدت نفسي في المستشفى وقد سمعت رجل الشرطة يقول للمرأة عني: للأسف قتلت زوجته إثر تفجير سيارة مفخخة في حيهم وكانت حاملا بالشهر التاسع ،ومنذ ذلك الوقت وهو يعيش على هذه الحالة . قمت من سريري الابيض وسلمت على كل الاطفال المريضين، ثم غادرت لأبحث من جديد عن كف تشبه كف زوجتي المطبوع على جدار بيتي الذي هدمته الحرب. وكذلك عن ابني الذي يشبهني كثيرا.