بدأ مؤخراً الصراع ما بين روسيا وامريكا تأخذ طابعاً مغايراً فبعدما كان لكل منها منطقة نفوذه المحددة ونقاط تمركزه ، اليوم تصب الصراع بمجمله حول بسط السيطرة على ريف مدينة ديرك/ المالكية الواقعة في المثلث الحدودي ، روسيا تحاول بشكل يومي التمركز وبناء قواعدها في القرى الريفية منها حيث تقابل برفض الأهالي ومواجهة شعبية وممانعة أمريكية عبر قطع الطريق أمام مدرعاتها بالوصول لديرك كما حصل اليوم وقبله.
تبدو أهمية هذه المدينة كبيرة بالنسبة ل هاتان القوتان خصوصاً موقعها الاستراتيجي ووجود معبر يربط سوريا مع إقليم كردستان والتي تعتبر شريان الحياة بالنسبة للمنطقة في ظل الوضع المتردي لسوريا عامةً ،عدا ذلك تمتاز مدينة ديرك بأنها مثال للمدن السورية التي يعيش فيها الكردي والمسيحي والعربي بجانب بعضهم البعض بوئام كما أنها تضم المقرات الرئيسية للمنظمات الدولية الفعالة على مستوى المنطقة وتطل بشكل مباشر على حقول ومنابع النفط والغاز في رميلان وكه رتشوك لذلك تحاول القوتان الفعلتين في سوريا من أجل السيطرة على المدينة لتثني لكل منها السيطرة على عموم المناطق المجاورة وبالتالي التحكم بالمنافذ الحدودية والخيرات الموجودة.
كانت لأمريكا الدور الأكبر في المنطقة من خلال تواجدها بقوة واعلانها انها هي الراعية للنفط والمسيطرة واعتبرت المنطقة نفوذ لها ولكن يبدو اختلف الوضع وروسيا ايضاً دخلت الخط في محاولة لقطع الطريق امام الامريكان ولبسط السيطرة على أكبر مساحة من سوريا كما أن ترى نفسها شرعية بموجب اتفاقها الاخير مع الأتراك عقب احتلال سري كانيّ / راس العين.
بطبيعة الحال مصير سوريا بشكل عام أصبح في متناول الدول المتحكمة بأزمتها والقوي هو الذي يضع قدميه في المكان الذي يراه مناسباً لأهدافه الطويلة الأمد في الشرق والصراع اليوم يشتد بين الروس والامريكان حيال ذلك ومدينة ديرك ايضاً جزء من البازار فيما بين تلك القوى فلمن ستكون كفة الرجحان في السيطرة على المدينة وهل يتحول الصراع لاصطدام مباشر هذا ما يخفيه لنا الايام بالرغم من المؤشرات التي تدل على الجدية التامة للامريكان بعدم الاستغناء عنها وعن باقي المناطق التي ساهمت بالقضاء على داعش فيها من خلال دعمها للقوات الكردية ،خصوصاً عندما نلمس حجم القوات التي تستقدمها للمنطقة بشكل يومي والتصريحات على لسان ساستها بأنها مستمرة في التعامل مع الجانب الكردي لفترة طويلة غير محدودة.