كل ما في الأمر ان الناس كانت تشده من أذنيه كلما أخطأ .. فيقترب الصغير قبل الكبير ليكون له شرف تلك الشمطة . لذلك لم يعد يظهر مولانا الحاكم كثيرا في أية مناسبة . فهو يدرك إن مقابلة رجل أو امرأة او طفل او مصادفة شيخ عجوز ، ستؤدي بالتأكيد إلى شمط أذنيه. لذلك اعتكف في قصره كي لا ينال العقاب الذي أقره مجلس حكماء المدينة بشمط الأذنين حتى تحمرّا .. اذا أخطأ أي مسؤول بحق الشعب العظيم . مضت الأيام والأشهر والحاكم لا يغادر مخدعه ..فظن الناس أنه مريض أوقد مات لسبب غامض، فطالبوا بتعيين آخر تعيينا ديمقراطيا وذلك عن طريق الانتخاب الحرّ. لكن ما إن سمع مولانا بأنهم سيعينون آخر بديلا منه حتى اندلق إلى شرفته وخاطبهم خطابا استراتيجيا طويلا جدا عن فن الحكم والعلاقة التصالحية بينه وبين الذي يحكمهم . مما جعل المجتمعون يملون من الاستماع إليه، فاحتجوا عليه وطالبوه بالنزول إليهم ، ومقابلتهم وجها لوجه ،فأجابهم بمكر وهو يتلمس أذنيه :إنه على ارتباط في هذه اللحظة بموعد مع سفير دولة عظمى لتوقيع بعض الأوراق المهمة . في الحقيقة لم يكن مرتبطا بموعد معه ، بل مع امرأة فاتنة رغم طول اذنيه القبيحتين. لقد استهوى الحاكم الكذب حتى أثناء نومه . فكان يتمتم بأحداث بعيدة عن الواقع وباحاديث لم تجر بتاتا .ومع مرور الوقت صارت أذناه تنموان قليلا فقليلا مثل غرسة شجر ،دون ان يلحظ هذا التطور الخطير. وفي ليلة ليلاء شعر ان رأسه يؤلمه فنهض الى المرآة متطلعا إلى نفسه وهنا كانت المفاجأة ..فأذناه استطالتا للأعلى وتجاوزتا قمة راسه بإسراف .حاول إيقاف نموههما ..لكن للأسف لم يستطع فقد ارتفعتا حتى لامستا السقف . لم ير احد مولانا الحاكم بعد ذلك ، ومن وقتها لم يتقدم اي مسؤول للجلوس على كرسي الحكم خشية ان تصير أذناه كأذني الحاكم المختفي عن الأنظار .
العقاب “بالشمط”
4