كنت في طريقي لكتابة، كل عيد وأنتم بألف خير، كنت في طريقي لأزيل التجهم عن ملامحي، قلت لنفسي، دعيها يا امرأة لما بعد الإفطار، عادة تكون الأيام الأخيرة في رمضان أكثرها صعوبة، ها أنا أعود للكتابة مرة أخرى، أحاول أن أعود إلى أجواء العيد في طفولتي التي تركتها خلفي، بعيدا، مؤلما، مهجورا، مدمرا،هناك حيث مجرد ذكر اسمها بين اسماء الدول المنكوبة حتى يبدأ قلبي بالخفقان.
بدأت بصديقة الطفولة التي ألتقيتها اليوم صدفة في سوق الخضار في المدينة حيث أقيم، قالت لي بلغة غير عربية وبلكنة أهل البلاد، غدا العيد إن شاء الله ، طبعا إن شاء الله بالعربية ولكن كما يلفظها أهل المدينة التي نقطن فيها وليس الوافدين واللاجئين مثلنا، كنت أراقب عينيها وهي تتحدث، لم تكن هناك سعادة، كان ثمة تحدي، قالت لي، لقد حققت كل أحلامي، كررت كلمة الحلم أكثر من مرة، قلت لنفسي لقد رأيت كل كوارث العالم وكوابيسه، يكفي أنني من تلك البلاد التي تتصدر قائمة البلاد الأكثر فقرا وجوعا وبؤسا وفسادا في العالم.
أخذتني نظرتها إلى أعياد مضت ولم تترك ندوبا في الذاكرة، كانت السعادة تعود إلى البيت، كانت ابتسامة أبي النادرة تعود بعد عبوس شهر، كانت الحياة تعود إلى البيت بعد شهر كامل من التوتر وغضب والدي وصراخه المتواصل، العيد هو العودة الميمونة لرائحة القهوة في الصباح، كانت تلك أجمل الذكريات التي أحملها لعيد الفطر السعيد.
كل عام وأنتم بألف ألف ألف خير