اللص الصغير
بجانب مدرستي التي أنام في غرفة فيها ، بيت طيني ، له قبة محدبة من قش تعلوها طبقة عازلة من الوحل المجفف المخلوط بالتبن ، وفي داخل هذا البيت ،يعيش بطل هذه القصة مع أبيه وزوجة أبيه.
كان أهل القرية يلقبونه ب(اللص الصغير) فقد شاهدوه مرة ، وهو يبيع البيض وأفراخ الحمام والدجاج والأرانب إلى فلاحين في قرية مجاورة ، بعد أن اختفت من بيوتهم .
وضعه والده في قن الدجاج ثلاثة أيام متتالية ، ولم يقدم له غير الماء والقليل من الطعام . بعدها ، خرج بجسد هزيل تحركه الريح يمنة ويسرة ،ولم تستقم حركته إلا بعد مرور فترة من الزمن .
هو في الصف السابع ، ولم يرسب من قبل . في نظراته القاسية الشرسة بريق من الحنان ورقة.
جاءني مرة إلى المدرسة ، التي أنام في غرفة فيها . جلس طويلا دون أن يتفوه بكلمة واحدة ثم نهض مذعورا ، عندما سمع عواء جراء صغيرة ، غادر بصمت .
في فترة الغذاء جلب لي صحنا من اللبن . شكرته ، ثم لفت نظري أثر طولي ممتد بين سبابته وإبهامه . أشرت إلى تلك العلامة وقلت له :ما سبب وجودها على ظاهر يدك؟.
اعتقدت في البداية بأنني لن أسمع منه جوابا ، لكنه فاجأني بدموعه ، ثم أفاض بالكلام: لقد عرفت أمي قبل أن تموت بما فعلته يداي من سرقة ، فأخذتني إلى المطبخ حيث كانت تحمّي سيخا من الحديد على النار ، وقالت لي :سأدمغك بهذا لتتذكر ما كنت عليه، وتمتنع عن السرقة. شاهدت دموعه تسيل بغزارة على ظاهر كفه ، كأنها تريد أن تطهرها مما أصابها من عار . وتابع بحزن : والله –ياأستاذ –من ساعتها ، لم أعد أسرق .!
فجأة هطل المطر بكثافة، وبرقت السماء بغضب ، فخرج مسرعا كأنه تذكر شيئا ما. صعدت إلى سطح المدرسة ، رغم المطر الثقيل ، فشاهدته يحمل لوحا خشبيا مصقولا،ويضعه فوق جدران مثلثة الشكل لا يزيد ارتفاعها عن نصف متر،وبداخلها جراء بيضاء كالثلج ،تعوي من شدة البرد.