المنحوتة
إذا أردت أن تقوم بعمل اما فإياك أن تخبر أحدا بذلك . فقط ، فاجأ الجميع عند تنفيذ ما تريد . فمثلا أحد الفنانين اخبر صديقه بأنه قرر ان ينحت تمثالا كبيرا جدا بحجم ديناصور لملك الملوك .. وقد جعله ينظر إلى مخططه الاولي . شجعه صديقه الفنان ، بل أثنى بإعجاب على مشروعه المستقبلي الذي يحتاج سنوات كي تنتصب المنحوتة وتناطح غيوم السماء . المهم في الامر ، ان الفنان حين باشر في العمل .. قتله صديقه ودفنه في التراب تحت الكتلة الصخرية الصماء. واخذ أدوات النحت كلها التي يملكها المقتول، إزميل ومطرقة ، وسكاكين حادة ، ومكانس من ريش النعام ، وسلالم ومناشر متعددة الاحجام ، وجرار فخارية مملوءة بالألوان ،وفراشي التلوين. في السنة الأولى ارتفعت أقدام الملك و في السنة الثانية برز جذعه مع اليدين والصولجان الأسطوري ،وفي السنة الثالثة شمخ الرأس المزين بالتاج العظيم. صاحبنا الفنان القاتل ، بدأ بتلوين المنحوتة الملكية بماء الذهب واللون القرمزي المستخلص من دماء المساجين الثائرين على حكم الملك المبجل.. وفي اليوم الأخير من السنة الثالثة زغرد الفنان بفرح عند انتهاء من منحوتته الفخمة. حين اعلن عن بدأ الاحتفال بهذا الصرح الفني الكبير ، وبحضور جلالة الملك وحاشيته من الوزراء والخدم والجواري والزوجات والمحظيات ، حدث شيء لا يصدق حقا ، فقد دبت الحياة في المنحوتة ، وسرت الدماء في الشرايين الصخرية ، ونفخت الروح فيها . تفاجأ الملك الذي من لحم ودم بشبيهه الذي قد من صخر ، فأمر باعتقاله وزجه في السجن تحت الأرض . علت قهقهة المنحوتة ، التي دعست كل من رفع رمحا في وجهها او حاول رميها في أقبية الظلام .مات الملك القديم ، وعاش الجديد المحب للصخر، والذي حول الجبال الجرداء إلى منحوتات تشبهه تماما.