بعد كورونا دول أوروبية تنضم للدول المكافحة لوباء الإخوان
بعد فرنسا وبلجيكا اللتين دفعتا ضرائب باهظة على خلفية سماحها لجماعة الإخوان بالعمل على أراضيه، تتجه الحكومة النمساوية إلى تأسيس مركز بحثي مختص لمتابعة وتوثيق نشاطات “الإسلام السياسي” أثر الهجمات الأخيرة التي شنتها مجموعات تابعة لحركة الذئاب الرمادية على مظاهرة نظمها يساريون نمساويون وكرد وأتراك نهاية حزيران الفائت.
وقالت وزيرة الاندماج النمساوية، سوسزانا راب، إن الحكومة النمساوية تعلم جيداً أنه هنالك هياكل تنظيمية في النمسا يتم تمويلها من الخارج وبالتحديد من تركيا وقطر ودول أخرى، مؤكدة على أن الحكومة في فيينا ترغب بمحاربة هذه التنظيمات والهياكل المنتشرة في البلاد.
وترى الحكومة النمساوية وعدد كبير من الباحثين أن جماعة الإخوان تشكل خطراً حقيقيا على المواطنين المسلمين في الدول الأوروبية وأن وجود هذا الهيكل التنظيمي هو أشبه بوباء يعطل جزء لا يستهان به من مواطنين أوروبيين مسلمين بتحويلهم إلى وقود لحروب عبثية وعمليات إرهابية وعمليات ابتزاز سياسي، تراهن الحكومة على المركز البحثي بنجاحه بصورة يمكن الاستفادة منها لاحقاً على في دول أوروبية أخرى لمكافحة الإرهاب الذي تنشره هذه الجماعة.
ونقلا عن مصادر في الحكومة النمساوية فإن فكرة تأسيس المركز البحثي المختص بتوثيق أعمال ونشاطات الإسلامي السياسي جاءت من مؤسسة المركز التوثيقي للمقاومة النمساوية (DÖW) المختص بتوثيق مقاومة النمساويين ضد النازيين والملاحقات التي تعرض لها الناس على يد الفاشية آنذاك، وحيث أن المشترك بين مكافحة النازية ومكافحة الإخوان كبير بسبب السلوك العدواني الذي يغلب في طابعه عليهم
وكانت الباحثة السياسية المختصة في شؤون الإسلام السياسي، نينا شولتز قد صرحت في لقاء صحفي مع قناة (زي دي أف) الألمانية عن سعادتها لقرار الحكومة النمساوية القاضي بتأسيس المركز البحثي معللة ذلك بالخطر المتزايد للجماعة.
وَأضافت شولتز إن الجماعة بانتشارها في أوروبا والنمسا تسعى لعزل المسلمين في أوروبا بحجة تطبيق قوانين دينية عليهم لتحويلهم إلى جنود مطيعين للتنظيم يأتمرون بأمر قادتها مما يسهل على الجماعة باستخدامهم كوسيلة لابتزاز الحكومات والمجتمعات العربية وتحويلهم إلى قنابل موقوتة تهدد العالم.
المجلس التنسيقي العام للمؤسسات والجمعيات الإسلامية في النمسا الذي يسيطر عليه الجماعة بفعل ضخ المال السياسي من قطر ودول أخرى، رفض قرار تأسيس المركز البحثي واعتبره مركزاً للتجسس على المسلمين في النمسا، منوهاً إلى أن هذه الجهة البحثية قد تضع المسلمين في موضع اشتباه عام وتظهرهم كمجرمين بشكل أو بآخر.
وقال رئيس المجلس التنسيقي العام، أوميت فورال وهو من أصول تركية، إن التعاون مع هذه الجهة البحثية “غير معقول” وهو قرار اعتبره المطلعون على المجلس في النمسا أمراً متوقعاً.
رغم أن المجلس التنسيقي العام للمؤسسات والجمعيات الإسلامية في النمسا يدّعي أنه مؤسسة مستقلة إلا أن الوقائع تشير إلى ارتباطه بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين ، حيث إن فورال يعتبر ممثلا للاتحاد الإسلامي المتهم بعلاقته مع حركة ميلي جوروش وبالتالي ارتباطه مباشرة مع حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم وحركة الذئاب الرمادية في أوروبا، وفق ما أكده رونالد بيليك، أستاذ الفلسفة والتاريخ، لموقع نمساوي محلي هومانستيشا بريسه دينست.
ويضم مركز التوثيق للإسلام السياسي خبير التطرف لورينزو فيدينو (مدير برنامج التطرف في جامعة جورج واشنطن) والباحث المختص في الشؤون الإسلامية، مهند خورشيد، رئيس علم اللاهوت الإسلامي في جامعة مونستر وأستاذ التربية الدينية الإسلامية.
مروان خورشيد و خلال لقاء مع صحيفة دير ستاندرد النمساوية رأى في المركز الجديد “فرصة للمسلمين وأضف: “المركز التوثيقي أمر مهم لأن الخطابين السياسي والعلمي في أوروبا كان يركز في السنوات الأخيرة على الجهادية والسلفية ويتجاهل بشكل كبير جماعة الإخوان” حيث أعتبر أن:” خطرها أكبر بكثير لأن هياكلها التنظيمية متطورة للغاية في جميع أنحاء العالم وهو يقدم نفسه تحت عباءة الديمقراطية وحقوق الإنسان بهدف السيطرة والتغلغل في مراكز القرار باسم الدين”
يأتي قرار تأسيس المركز التوثيقي على خلفية هجمات شنها مناصرون لحركة الذئاب الرمادية المتطرفة المدعومة من الحكومة التركية على مظاهرتين نظمتا من قبل جماعات يسارية كردية وتركية ونمساوية في يومي السابع والثامن والعشرين من يونيو، في فيينا احتجاجاً على العمليات العسكرية التركية الجارية في كردستان العراق وكذلك ضد سلسلة أخيرة من جرائم قتل النساء في تركيا، والتي كانت كافة ضحاياها تقريباً من الناشطات الكرديات.
تعرضت هذه الاحتجاجات لهجوم من قبل مجموعات قومية تركية، معظمها تابع أو متعاطف مع تنظيم “الذئاب الرمادية” المتطرف. وقد غرمت الشرطة بعض الأتراك لاستخدامهم إشارات باليد محظورة لارتباطها بهذا التنظيم المتشدد.
واستدعت وزارة الخارجية النمساوية نهاية حزيران الفائت، السفير التركي لدى فيينا، أوزان جيخون، على خلفية أعمال العنف التي مارسها أنصار الذئاب الرمادية.
على عادتها، انتقدت الخارجية التركية بشدة تعامل النمسا مع الاحتجاجات التي قالت إنها لجماعات مرتبطة بحزب العمال الكردستاني. وقالت الوزارة إنها ستستدعي سفير النمسا في أنقرة وسيتم إبلاغه بقلق تركيا. كما اتهمت الخارجية قوات الأمن النمساوية بالتعامل “بقسوة” مع المحتجين الأتراك.
وتمتلك تركيا شبكة عنقودية من المنظمات والعملاء المنتشرين في كافة دول أوروبا الغربية وهي تعمل بشكل منتظم على مراقبة المعارضين وتوثيق معلوماتهم لإرسالها لاحقاً لأنقرة. وأكدت تقارير استخباراتية ألمانية أن تركيا تمتلك حوالي 8 آلاف عميل للتجسس على المعارضين في ألمانيا وحدها من خلال التعاون مع جوامع منظمة ديتيب.
ويقول فيديرك بورناند، مختص في شؤون المنظمات الدولية، لموقع سويسإنفو إن قطر تحاول التغلغل في الدول الأوروبية من خلال مشاريع يتم تمويلها باسم جمعية قطر الخيرية التي تعمل على بناء جوامع ومؤسسات دينية تنشر فكر الإخوان المسلمين في دول أبرزها إيطاليا، فرنسا، اسبانيا وألمانيا. بيد أن الهدف الأساسي لهذه المشاريع يتركز في تجنيد المسلمين في هذه الدول وربطهم بشبكات الإخوان المسلمين الدولية التي تقودها تركيا وقطر ودول أخرى للتغلغل في المؤسسات الأوروبية بهدف التأثير على القرار الأوروبي