أنتسب إلى حزب الشجر والعصافير.. أنتسب إلى النبع أكثر من دمي.. أنتسب إلى لا شيء.
هكذا أفرك الحجر أُصيِّره تراباً وزرعاً وشهوة… حبيبتي التي مشت يوماً في دمي، كرهت شراييني التي بلا جسور. تصوَّروا كيف تعبر إلى الحزن سراً، وبعيداً عن المجازر، بعيداً عن المذابح في جسدي. أُهنِّئ النهر الذي احتلَّ مجرى شهقتي، وأُهنِّئ ببسالةٍ فكرةَ الأرض المقتطعة من ثدي أمّي.
كم ورثتُ قمراً دبغته بظلّي الأحمر. لن أنحت في مستعمرة روحي، لن أفعل ما عجز الشعر عن فعله. لا يمكن أن أنهض من قبري وكأن شيئاً لم يكن.كأن الجبال لم تطلع مني.كأن جسدي لم يكن لي.
ماذا أفعل؟ الريح هُويَّتي التي لا أملكها. ولماذا أظلُّ هكذا في العراء بلا وطن أو توابيت؟ العراء سرّ الشاعر. العراء سرّ الثائر. العراء ليس عراء. إنه المكان الأخير المنتمى إليه. أنا هكذا ولست أُصدِّق أكثر من ذلك. أمام المرآة أنا، وأنا فكرة مشعَّة ليس لها نقش الله. لماذا أتنكَّر للطريق المقطوع الأطراف، وللحم المشعّ… لماذا أتنكَّر لشخص لا يشبهني؟ شعوري بالجمر على كفي يلهيني عن معرفة الحروق على جلد غيري. كم يستحيل عليَّ أن أُمزِّق الفكرة التي لا أؤمن بها. كم يستحيل عليَّ أن أمرَّ في النبع دون أن يتفتَّت الصخر. كم عليَّ أن أشير إلى جسد حبيبتي، دون أن تلفظ مضغة فاحمة من رحمها. ما كنت انتظرت أكثر، لكن من عرفني لم يكن أنا، بل أنثى كانت تحتلُّني…