سر الغضب الروسي من ضربة التيفور.. عين إسرائيل على إيران
كلام في السياسة / وكالات
تعد الغارة الأخيرة فجر الاثنين، المنسوبة لإسرائيل، على مطار التيفور العسكري السوري بين #تدمر و #حمص ، الرابعة من نوعها، فقبل شهرين شنت 4 مقاتلات إسرائيلية غارة على غرفة تحكم في المطار ذاته، بعد أن أسقطت طائرة إيرانية بدون طيار في الأجواء الإسرائيلية انطلقت من ذات المطار، وقد انتهت تلك المواجهة المباشرة بين #إسرائيل و #إيران على الجغرافيا السورية، إلى مشهد دراماتيكي بإسقاط طائرة حربية إسرائيلية فوق أجواء الجليل.
لكن معاودة الكرَّة، على أرضية توتر شديد في العلاقة الأميركية الروسية بعد قصف #دوما بالسلاح الكيمياوي، وبينما كان العالم يتوقع هجوما صاروخيا أميركيا، كان لافتاً، استغلال إسرائيل لذلك الموقف لتقوم بهجوم غير معلن، لكن الغارة بيّنت أن ثمة هدفاً استراتيجياً ينبغي قصفه دون تأجيل.
درون ورادارات إيرانية في مرمى إسرائيل
وترجح تقديرات أن إسرائيل استهدفت طائرات إيرانية بدون طيار وأجهزة رادار متطورة، خشبة نقلها لحزب الله، لاسيما أن إسرائيل تدعي أن مطار التيفور هو عملياً قاعدة إيرانية يشعر فيه الإيرانيون عادة بثقة أكبر، لأنه يبعد مئات الكيلومترات عن إسرائيل، خلافاً لمطار دمشق مثلاً الذي يبعد أربعين كيلومتراً فقط، ولهذا حولوه إلى قاعدة لطائرات بدون طيار من بينها #طائرات_شبح مسيرة لا يكتشفها الرادار عادة، ويمكنها شنّ هجمات صاروخية وحمل متفجرات، وهي تقليد لطائرة أميركية مماثلة نجح الإيرانيون في الحصول عليها ودراستها قبل سنوات.
أما التغيير الأساسي في السلوك الإسرائيلي، الذي توقعناه في المواجهة الأخيرة قبل شهرين مع إيران، فيكمن في أن إسرائيل لم تعد تقصر تنفيذ غاراتها على منع نقل شحنات أسلحة استراتيجية إلى حزب الله فقط، بل باتت تستهدف “التموضع الإيراني”، كما تسميه، في #سوريا بشكل مباشر حيث سبق واستهدفت قاعدتين يعتقد أن إيران هيّأت إحداهما على الأقل، لاستخدام عشرات إلى مئات آلاف المقاتلين التابعين لها من العراق وأماكن أخرى.
سر الغضب الروسي
ولعل أكثر ما كان لافتاً بشأن الغارة الإسرائيلية فهو الموقف الروسي، الذي سارع على نحو غير مسبوق، إلى التأكيد أن #إسرائيل هي من نفذ الغارة باستخدام مقاتلتين من الأجواء اللبنانية- (لا يحدث أن تستخدم مقاتلتان فقط، فالحد الأدنى هو ثلاث مقاتلات دائماً بحسب القواعد العسكرية الإسرائيلية)- وهو ما يمكن أن يفهم على أنه امتعاض روسي، لأن الغارة جاءت مفاجئة، ولم تبلغ بها روسيا مسبقاً، وهنا يشار إلى أنه خلافا للاعتقاد السائد لا يحدث أن تبلغ إسرائيل الجيش الروسي بأي تفاصيل عملياتية بخصوص الهدف الذي تنوي استهدافه في سوريا، وإنما تبلغها بأن مقاتلاتها ناشطة في الأجواء منعاً للصدام مع المقاتلات الروسية، والسواد الأعظم من الغارات يشن من الأجواء اللبنانية أو شمال إسرائيل.
أما سر الغضب الروسي، فيكمن في أن إسرائيل خرقت التفاهمات بين نتنياهو وبوتين التي بموجبها لا تستهدف إسرائيل أي موقع إذا كان فيه أو بمحاذاته جنود روس، وهي الحال في مطار التيفور حيث يتواجد عدد قليل من الجنود والمستشارين الروس.
ولعل المفارقة أن اتهام الروس لإسرائيل لم يكن بهدف إعلان مسؤوليتها بقدر الحاجة لنفي أن تكون واشنطن أو باريس من قامت بالغارة لما في ذلك من إحراج وتحد لموسكو.
وفِي سلوك مشابه، لم تكتف واشنطن بنفي شنها هجمات، بل سربت قصدا أن الغارة إسرائيلية وأن إسرائيل أحاطتها علما مسبقاً.
رمي الكرة في ملعب إسرائيل من قبل حليفتها الأكبر الولايات المتحدة وصديقتها روسيا، رفع منسوب القلق في تل أبيب التي تعمد عادة إلى سياسة التكتم بهدف إعطاء الطرف الآخر هامشا لإنكار ما حدث، بدون إحراج ضاغط قد يدفعه للرد.
النظام ما زال ينتج “الكيمياوي”؟
إلى ذلك، ادعت إسرائيل أن النظام السوري يواصل تطوير أسلحة كيمياوية لاستخدامها، بالإضافة للكمية التي ما زال يحتفظ فيها، وهو موقف لافت من منطلقين، الأول: لأن إسرائيل تعتبر المرجعية الاستخباراتية والمصدر الأهم للدول الغربية، فيما يتعلق بالأسلحة الكيمياوية السورية، وسبق وكشفنا أن الأمم المتحدة قارنت اللوائح التي سلمها النظام مع ما تملكه إسرائيل من لوائح ومعلومات. وكانت إسرائيل أول من كشف أن الأسد ما زال يملك من أصل 1100 طن من الأسلحة الكيمياوية، عشرات الأطنان التي لم تشملها القوائم التي سلمها، إلى جانب إنتاج غاز الكلور للاستخدام العسكري وإن كان غير معرف في القانون الدولي غازا ساما محظور الاستخدام!
الأمر أو المنطلق الثاني اللافت، أن هذا الموقف يأتي عشية توجيه ضربة صاروخية أميركية إلى النظام السوري في أعقاب استخدام الكيمياوي في #دوما، ومحاولة ترمب إقناع باريس ولندن بالمشاركة في الضربة، وسط خلاف إن كان لمرة واحدة كما في مطار الشعيرات قبل عام أم حملة عسكرية متواصلة.
احترام الموقف العسكري بين الدول العظمى في سوريا يشكل بحد ذاته قلقا لإسرائيل.
ساعة الصفر باتت أقرب!
وضمن كل تلك المعطيات، تعتقد مصادر عسكرية إسرائيلية أن المواجهة المباشرة مع إيران، كما في الغارة الأخيرة على التيفور، قد تقود إلى رد إيراني وقد لا يكون مقتصرا على جغرافية المنطقة، فإيران تملك قدرات استخباراتية وعملياتية لضرب أهداف إسرائيلية حول العالم.
لكن أكثر ما يقلق تل أبيب حاليا، هو أن النظام سيتوجه بعد أن يفرغ من الغوطة الشرقية جنوبا إلى درعا، وصولا إلى الجولان السوري غير المحتل والقنيطرة.
وحيث يصل النظام السوري بالنسبة لإسرائيل، يصل #حزب_الله وإيران التي تتهمها إسرائيل بمحاولة خلق جبهة في الجولان.
هذا التطور ستواجهه إسرائيل عسكريا على الأرجح، في إطار شعارها منع التموضع الإيراني في سوريا، ويرتفع منسوب القلق لديها أكثر بعد أن أخفق نتنياهو في إقناع ترمب بالعدول عن الانسحاب من شرق سوريا، ما قد يدشن الخط البري للإمداد والتمدد من طهران ومروراً بالعراق فسوريا والجولان وانتهاء بلبنان والبحر المتوسط، وهو تهديد استراتيجي بنظر إسرائيل قد يحدث بعد نصف عام إن لم يعدل ترمب فعلا نية الانسحاب.
استمرار الغارات الإسرائيلية ضد أهداف إيرانية في سوريا قد يسرع دوران عقارب ساعة الصفر للحرب المقبلة، التي قد تندلع في أي وقت لتشمل سوريا ولبنان وإيران أيضا، مع إمكان أن تتعدد جبهاتها بانضمام قطاع غزة، سريع الاشتعال، إليها أيضا.