Home أخبار وتقارير سوريا.. ثورة الجياع قاب قوسين أو أدنى

سوريا.. ثورة الجياع قاب قوسين أو أدنى

أول ثورة للجياع في التاريخ كانت ضد الملك المصري بيبي الثاني حسب ما ورد في بردية ايبوير ، حيث كان هناك مجاعة وفقر وتردي أحوال مصر في عهد الملك بيبي الثاني ، رغم أنه امتلك انتصارات عسكرية وقام بارسال البعثات الحربية إلى مختلف الأقطار وانتصر فيها ، إلا أن الفقر و المجاعة التي كان الشعب يعاني منها وذلك حسب نصوص وجدت في إهرام عائلة الملك بيبي أدت إلى ثورة ضده ، هذا وهو ملكٌ بمرتبة إله يُقدَّس ويُعبَد.

نشهد اليوم في سوريا بوادر ثورة جياع ، فقد بلغ السيل الزبى ، وأصاب الجوع الفقراء في مقتل، والذي لا يملك شيئا هو الأقوى .

فالمجتمع السوري حاليا يسوده التفاوت الطبقي بنسب تثير الخوف ، حيث انقسم المجتمع السوري إلى طبقتين ، الطبقة الأولى طبقة الأغنياء والتي تشكل أقل من 10% من المجتمع وطبقة الفقراء والتي تشكل أكثر من 85% من المجتمع السوري وذلك حسب إحصائيات رسمية ، نلاحظ هنا الطبقة المتوسطة والتي كانت تشكل أكثر من 60% من المجتمع السوري قبل الأزمة ، انعدمت الآن، البعض منهم لحقوا بالأغنياء والبعض الآخر نزل إلى طبقة الفقراء ونسبتهم الآن لا تتجاوز 5% وهي نسبة قليلة جدا ، ومن المعروف أن هذه الطبقة هي التي تحافظ على توازن المجتمع وتمثل أصحاب المهن الحرة وهم معنيون بممارسة عملهم وفق قواعد أخلاقية تمضي بالمجتمع إلى الأمام ، وذهب هذا الدور والتوازن الذي كانت تقوم به هذه الطبقة والشعب اليوم يتعرض إلى مجاعة محتمة ، الأمر الذي أدى إلى خروج الشعب في بعض محافظات السورية كمحافظة السويداء احتجاجا على الاوضاع المعيشية الصعبة وارتفاع الأسعار ، حيث لم يعد باستطاعة الفقراء شراء ما يسد رمق أولادهم الجياع و يحفظهم من الموت جوعا .
وكانت هذه المحافظة التي تشكل الطائفة الدرزية غالبية سكانها قد نأت بنفسها عن الحرب الأهلية السورية و لم تتدخل في الصراع الدائر في سوريا ولكنها اليوم تنتفض ضد النظام الذي يقف متفرجا لا يحرك ساكنا حيال هذا الارتفاع الجنوني للسلع الغذائية ، وقد يمتد هذا الحراك إلى باقي المحافظات حيث قامت تظاهرات مماثلة في حلب السورية الأمر الذي أكده ناشطون هناك.

أما بالنسبة لمناطق الإدارة الذاتية فهي ليست بحال أفضل من مناطق سيطرة النظام حيث أن جميع الأسعار مرتبطة بالدولار الأمريكي و ارتفاع الدولار الجنوني مؤخرا أدى إلى ركود في الأسواق و شلل في الحركة الاقتصادية ولازال المواطن يقاوم من خلال شرائه للمستلزمات الضرورية للحياة اليومية ، والشارع يشهد معاناة واضحة نتيجة الغلاء الفاحش في أسعار المواد ، الأمر الذي يتطلب من الإدارة الذاتية إيجاد سبل دعم المواد الغذائية و دعم المشاريع التنموية الصغيرة و تخفيف القيود على التجارة الداخلية والخارجية والصناعة وكذلك إلغاء الضرائب التي انهكت المواطن وزادت من معاناته في صراعه الماراثوني مع تأمين متطلباته اليومية ، وبرأي إذا لم تبادر إلى رفع الرواتب من 150$ فما فوق فإننا سنشهد مظاهرات مماثلة في مناطقها أيضا.
وبعد شهر من الآن إذا بقي الوضع هكذا ، الكثير من أصحاب المهن سيقومون بإغلاق محلاتهم وتصفية بضاعتهم، كمحال الألبسة لارتفاع الأسعار و قلة الطلب عليها حيث أكد لي المواطن (ه أ) أنه سيقوم بتصفية بضاعته من الألبسة لقلة الطلب عليها وأنه لم يعد يستطيع دفع إجار محله ١٠٠ $ شهريا في سوق مدينة ديريك ، بالطبع أمثاله كثر وإذا لم تتدخل الإدارة وتضع حدا لهذا الغلاء الفاحش لأجور المحلات والبيوت فإن أصحاب هذه المهن ستغلق محلاتها .

المجتمع السوري يمر بأزمة حقيقية فإما الأنظمة التي تحكمها سواء كان النظام السوري أو الإدارة الذاتية ستكون جديرة باحترام هذا المجتمع من خلال تعاملها واجراءاتها المتخذة لإنقاذ هذا الشعب من المجاعة أو لينتظروا ثورة جياع تعصف بهم جميعا الجوع لا يرحم و يجعل قلب الإنسان كالحجر لا يهاب شيئا في سبيل الحصول على لقمة عيشه وليس عن عبث يقول الرسول عليه الصلاة والسلام” اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر”.

You may also like

Leave a Comment