شرق الفرات أو نيو لبنان
تأكيد مستشار التحالف الدولي، السفير الأمريكي وليام روباك، إن العقوبات الاقتصادية على سوريا المترتبة على قانون قيصر” لن تستهدف مناطق شمال شرقي سوريا أو الشعب السوري بل ستستهدف النظام السوري فقط “، وفق ما قاله لإحدى المواقع المحلية، أعاد للأذهان حكايات أخرى من أوجاع المنطقة الأكثر توترا في العالم، فقد خرج اللبنانيون منذ أكثر من عام إلى ساحات بيروت يطالبون باسقاط النظام اللبناني، نعم والله، اسقاط النظام اللبناني “كلن يعني كلن” عن بكرة أبيه وأمه وأخواته، وانتقل الزملاء الثوريين اللبنانيين بخفة وليونة من خندق “الثورة” السورية “المظفرة” إلى ساحات لبنان يحاربون الطائفية التي ظفرت في سوريا وحققت مهامها على أكمل وجه، ليستكمل الاخوة الثوريون مرحلة أكثر وعورة في المأساة السورية.
عندما فرّ الثوريون اللبنانيون فرادى وجماعات من مركب الرئيس المتضامن مع “الثواروالمجاهدين” السوريين، سعد الحريري، المائل للغرق إلى مراكب بألوان جديدة، كان على الحريري أن يودّعهم ويعتذر عن أدوار أُسنِدت إليه واستهتر بها، كان سعد الحريري وما زال محاطا بمستشارين أكثر ضررا له من خصومه، ساعته متوقفة عن العمل، يبدو أن السياسة ليست من انشغالاته وأن حصل فذلك في أوقات الفراغ، لذا يسهل ضربه، لكن ما علاقة كل ذلك بشرق الفرات، حيث الكرد يريدون أن يشغلوا مكانة في تحديد مستقبل سوريا؟
لم يقرأ سعد الحريري لوحة سوريا جيدا، فقد كان مستشاره وممثله المكلف بالشأن السوري مقيما في تركيا يقود جناحا ما في “الثورة” السورية ويختار الناطقين باسم جناحها المسلح، بينما كانت الخرائط ترسم في غيابه المبهم وكأن سوريا دولة بعيدة جدا عن لبنان، كان اللهو هو عنوان تعامل الحريري الابن مع المأساة السورية، كان يتعامل معها مثل تعامله مع الشركات التي ورثها عن أبيه وخسرها بقضايا فساد، هكذا خسر الحريري مكانة ورثها عن أبيه ومعه خسرت لبنان مكانتها التي احتلتها بحصافة والده وداعميه وفتح الباب للبحث عن بديل عن لبنان لتكون مسرحا للحل المنشود عربيا وعالميا لهذا البلد المنكوب بأصدقاء الحريري وأعداءه.
كان دور الثوار اللبنانيون إغلاق النافذة اللبنانية الأخيرة لسوريا، خسر التجار السوريون رصيدهم في البنوك اللبنانية ولم يعد أمر الاستيراد أمرا ممكنا، أنهارت العملة السورية بالتوازي مع انهيار العملة اللبنانية، انهارت الحياة ولم يعد من منفذ لسوريا إلا شرق الفرات حيث الكرد يعودون إلى دورهم التاريخي في كونهم حائط الصد الأول للدفاع عن المنطقة العربية، الجغرافيا تفرض الأدوار التاريخية للبشر، كان العرب والكرد عبر التاريخ أكثر الحلفاء موثوقية بالعهود وسيكونون كذلك، هذا هو منطق الجغرافيا والعلاقات الانسناية، أصحاب السيطرة باسناد ودعم من الدول العربية ذات الثقل والولايات المتحدة وفرنسا، لم يعد من منفذ إلاه، أصبح شرق الفرات لبنانا جديدة لسوريا في ظل قانون قيصر وما على الدولة السورية إلا أن تكون واقعية وتستمع إلى اتجاهات الرياح في شرق الفرات، هل سيكون دور الرئيس السوري القادم في شرق الفرات مثل دور الرئيس السوري الراحل، حافظ الأسد في لبنان؟ هل هناك أمراء حرب في شرق الفرات على طريقة أمراء الحرب اللبنانيين؟ يبدو أن لفي الحكاية مليون سؤال وسؤال.