ضياع في استنبول٢٢
في البناء الدائري الذي كنا نمارس فيه اليوغا ، لم يكن يظهر أي أثر ديني على جدرانه ، او منحوتات ليسوع المسيح او مريم العذراء ولا لوحات او كتابات مأخوذة من الكتاب المقدس . المكان خصص للإنسان الابيض كما كان يقول الأب (ف) كي يتأمل ويعبئ روحه بما يبعث الطمأنينة والسلام إلى ذاته القلقة . الروح ليس لها طائفة أو مذهبا ، انها لا تسمى وخاصة اذا اطلقت من مكانها المحبوس ، لذا كنت تلك الروح التي لا تمتهن الجسد ، ولاتتماهى مع ما يعيق وجودها . ثابرت على المجيء إلى مشروع الارض والبقاء فيه مدة يومين من كل أسبوع . أحببت هذا التعايش بين أناس عانوا ويحاولون التحرر من معوقات تكبل أرواحهم . امتلأت بهم وكذلك هم . واكتسبت أصواتا ادخرتها لأحولها إلى أغنية بهيجة ، أترنم بها كل حين . لن أقول أن الياس لم يزرني ، لكنه كان يطرق بابي بخجل ، أحيانا أفتح له من غير قصد واحيانا أخرى أروضه مثلما روضت ألمي من قبل . لم يدم فرحي طويلا ، فبعد ثلاث سنوات من الحبس خرج زوجي . كان مقهورا وغاضبا مني لأني لم أزره في سجنه. كيف أوضح له لحظتها ما عانيت منه وهو بين القضبان؟ . أردت ان أدينه ، ان أشتمه ، أن أطرده من بيتي ، لكنه أغلق فمي بيده الضخمة ، وأدخلني إلى مرسمي بالقوة ، انزل سروالي ، ثم أخرج حيوانه المسجون وأطلقه لينهش رحمي الذبيح . جأر مرات كثيرة مثل دب يحتضر.. وغادر دون ان يقول كلمة واحدة ، أو يسال عن ابنته.