Home قالت العصفورة ضياع في استنبول٢٨

ضياع في استنبول٢٨

by ميلاد ديب
0 comments

ومضيت إلى القرية التي يعيش فيها (د) احمل تصدعات صخرية كبيرة في كياني وقلبي وعقلي . الناس في الكراج كانوا يحملون الوجع مع الحقائب ويمضون . ومضيت في طريق عبرته من قبل حيث اصحاب المحلات والباعة المتجولين بين الباصات يصرون ان الحياة مازالت قائمة على الصراخ والنباح اليومي . شعرت بدوار من كل شيء ، من الدخان المحترق من رائحة الشواء وزعيق المحركات والرجال بعيونهم الفاضحة وايديهم الموضوعة بين افخاذهم. الى اين اسير في النهاية ؟ وماذا سأفعل بعدئذ؟ .الشمس ترخي اشعتها الحاسرة الآن لتضرب الذكريات قبل الراس والجسد .سأشهر حنطتي في الوقت المناسب قلت في نفسي . لا يمكن ان أبقى ارضا بورا للابد. سأزرع لأحصد .فانا سجينة سابقة داخل بيتي واهلي هم السجانون . انا الآن اتنعم بحريتي الداخلية ، إنها كل ما ابتغيه للوصول لمعادلة بسيطة في الحياة : ان اكون بلا ادوية وابر . لست مدمنة على الحبوب والمهدئات لقد زرعوها فيّ لانهم يريدون ان اكون مثلهم وليس ان اكون كما انا . لم يقبلوا بشخصيتي ولابوزني الفكري وحساسيتي لرفضي الموت المبكر لطفولتي وشبابي. نحن النساء اخطاء الزمان الملعون فعلا . هذا الشعور خالجني بينما كنت مراهقة مشبعة بالهرمونات والتساؤلات الوجودية . هل أعطيت حقي من قبل عائلتي الفظة المتزمتة دينيا وعاطفيا وفكريا لدرجة الغلو والالغاء لكل من يخالف ما آمنوا به او امتلكوه. هربت وسأهرب وسأجيد الهروب في كل زمان ومكان ، هويتي الهروب بلا منازع بعد كل سجن . لم ارض بما قسموه لي ولم يرضوا برضائي ..فكانت المواجهة بين الحرية والسجن . القرية التي يعيش بها (د) هي جزء من حريتي فاخترت ان اكون شجرة سنديان هناك. كان كل شيء على حاله حينما وصلت إلى البيت ، النافذة الواطئة التي ترن ضلفاتها بالموسيقا العذبة، شجر الليمون والبرتقال الفواح بعبق الرنيم الخالد لأرواح مرت من هنا وهي تحمل إيقاع الغابات والجبال والانهار والطيور الغناءة . ترسبت على الجدران بجسدي مثل زهرة طالعة من الشقوق . وناديت صديقي بلهفة . فتح الباب فظهرت قامة منحنية مثل عود قصب معوج ، وارتفع الراس قليلا لترمقني عينان شاردتان ضالتان في مجاهل عالم تراه وحدها . فتحت الأم ذراعيها لتعانقني كما تعانق طفلا صغيرا . لقد عرفتني رغم تغير سحنتي كثيرا ، ودخول العتمة إلى وجهي وعيني. ادخلتني إلى غرفة الجلوس وقدمت لي الشاي ثم جلست حدي تخبرني ما حل بانها . ارتوى وجهها بالدم والدموع فليلا وفضت حنجرتها بصوت ناعس حزين : لقد اعتقل مع اغلب رفاقه منذ ثلاث سنين.

You may also like

Leave a Comment

Soledad is the Best Newspaper and Magazine WordPress Theme with tons of options and demos ready to import. This theme is perfect for blogs and excellent for online stores, news, magazine or review sites.

Editors' Picks

Latest Posts

u00a92022 Soledad, A Media Company – All Right Reserved. Designed and Developed by PenciDesign