ضياع في استنبول٤٠

لم يكن لديها اولاد. قلت لها ذات مرة : لماذا لم تنجبي اطفالا . فأجابتني بابتسامة دافئة :” الوقت لم يحن بعد . الحرية العدالة المساواة . اهم ممتلكات الإنسان ونحن لم نحصل عليها بعد . من مساوئ فكرة الولادة ان الناس تريد الاولاد اولا والحياة ثانيا .” لا يمكن ان نعيش فقط لأننا نريد ان ننجب اولادا .وقفز الى ذهني وانا استمع إلى افكارها صديقي (د) فهو يمتلك نفس تفكيرها الجدلي كما كان يسمي تلك العلاقة بين الولادة والحياة . كنت طفلة عندما جئت إليه هاربة من بيتي . وشهوتي فائرة ، اردت أن أقبله بشراهة ، لكنه عانقني ببراءة وقبلني على رأسي . وغادر دون ان يقول لي كلمة واحدة . كان قبل ان يدخل السجن يقول لي : عليك الا تنسي طفولتك ، حتى لو صرت امرأة كبيرة في السن . يجب ان تنتمي للطفولة بلا مقابل . الجسد سيتسلط عليك كثيرا ، عامليه بنعومة وبساطة واجعليه شفافا كماء النبع عندما تنعكس عليه اشعة الشمس او حينما يرقد القمر على سطحه .لا تقسي عليه .. احترمي زمنه الوجودي. كلامه كان غير واضح بالنسبة لعمري في ذلك الوقت ، لكنني ادركت مع مرور السنين ، ماذا عنى من كل الذي سرده لي. لقد غيبت عقلي ولم اتصرف ببراءة طفل ولم اجعل الشمس تضيء حلكة نفسي ، ولم اجعل القمر يرقد في ماء شهوتي حين كبرت ،لقد تلطخت روحي بالوحل الآسن ، وسيطرت علي جهمة فكرية لا بياض لها.