ما سر المياه التي تقطر من قدمي تمثال المسيح المصلوب في الهند؟

آلاف المسيحيين اعتقدوا مقتنعين، أن المياه التي تقطر من قدمي تمثال المسيح المصلوب على غير العادة، مياه مقدسة، دون أن يعرفوا المصدر الحقيقي لمقدم تلك المياه، وكيف أمكنها التصبب على أقدام التمثال.

ففي شهر مارس آذار 2012، توافد آلاف المسيحيين “الورعين” إلى إحدى الضواحي في مدينة بومباي الهندية، للشرب من ماء يقطر من قدمي تمثال المسيح المصلوب.

غير ان رئيس الجمعية العقلانية الهندية سانال ايداماروكو، وهو مشكك في طبعه، قال بعدما تفقد التمثال، ان تسرب المياه مصدره مياه تصريف منزلية ملوثة، وانها تشكل خطرا على مستهلكيها.

على الفور، اثارت تصريحاته غضب الجماعات الدينية، ورُفِعت ضده شكوى لدى الشرطة بتهمة نشر “سمّ معاداة الكاثوليكية”، ويمكن ان تكلفه حكما بالسجن ثلاث سنوات بتهمة التجديف. يومذاك، قال ايداماروكو لمنتقديه خلال مناظرة تلفزيونية: “لا تحاولوا اعادة الأوقات المظلمة الى الهند”.

وأحد منتقديه هو جوزف دياس، الأمين العام للمنتدى الكاثوليكي العلماني- المسيحي الذي يأخذ عليه “حكمه المسبق الشرس على المسيحيين”. لا يوافق على ان يكون تسرب المياه من تمثال يسوع المصلوب جُعِلَ معجزة الهية، وفي الوقت نفسه يرفض نظرية ايداماروكو. “لا تفسير موثوقاً به حتى اليوم”، يقول. اما ارسال ايداماروكو الى السجن، فيرى انه “لن يكون مفيدا”. “وربما من الافضل ارساله الى مستشفى للامراض العقلية، كي يتلقى العلاج”.

مع ان الهند دولة علمانية رسميًا، فان الكفر لا يزال جريمة يعاقب عليها القانون في هذا البلد الشاسع ذي الغالبية الهندوسية، والذي يضم ايضا أقليات عرقية ودينية مهمة، كالبوذيين والمسيحيين والمسلمين، وحيث التقوى والمعتقدات الخرافية ليست مصدرا للمزاح.
فالقانون الهندي يحظر “الأفعال المتعمدة والمؤذية الرامية إلى المس بالمشاعر الدينية لطائفة ما باهانتها او اهانة معتقداتها”. غير انه باسم حرية التعبير، يسعى وكلاء ايداماروكو إلى المثول امام المحكمة العليا كي تصدر حكما تلغي بموجبه تلك المادة في قانون العقوبات، والتي يعود تاريخها إلى الحقبة الاستعمارية.

من جهته، يقارن ايداماروكو رد فعل الكاثوليك الهنود بـ”الأصوليين الإسلاميين” الذين أصدروا في الماضي فتوى تجيز اهدار دم الكاتب سلمان رشدي، بعدما نشر كتابه “آيات شيطانية” العام 1988. “لطالما قلت ان هناك هندَين، هند القرن الحادي والعشرين التقدمية والحضارية والعلمية، وهند القرن السابع عشر التي تعيدنا الى عصور الظلام من عدم التسامح والتعصب الاعمى والخرافات”، يقول.
الجدل أَلِفَه ايداماروكو (65 عاما).

فالمنظمة التي تضم اكثر من 100 الف عضو، (من اصل مليار و200 مليون نسمة)، أنشئت العام 1949 لتشجيع التفكير العلمي. ومن 30 عاما، يجهد الرجل لفضح اؤلئك الذين نصبوا انفسهم “معلمين” او “زعماء” طوائف دينية ينتشرون في مختلف ارجاء البلاد ويكدسون ثروات على حساب المؤمنين بهم.

وقد انتقد ايضا الغورو الشهير ساي بابا، الذي كان ملايين الهنود يعتبرونه إلها حيا متمتعا بقوى خارقة، والذي وُجِد لديه بعد وفاته العام الماضي، نحو 100 كيلوغرام من الذهب، و307 كيلوغرامات من الفضة، و115 مليون روبية (1,6 ملايين اورو) نقداً!.

اترك رد