معارك بين المعارضين السوريين واستدعاء لتدخل دولي لفك الاشتباك
تلقى كل من المبعوث الدولي الخاص للأمم المتحدة غير بيدرسون، ووزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف ووزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، ووزير الخارجية المصري، سامح شكري رسالة من تشكيلات من المعارضة السورية يوم 13 يناير، ترجوهم بتغيير مهمتهم في تقريب وجهات النظر بين الحكومة السورية والمعارضة إلى التدخل لفك الاشتباك الحاصل بين المعارضة.
موضوع الخلاف بينهم هذه المرة، لا علاقة له بمعارك الفصائل المسلحة على الغنائم داخل سوريا، بل وصل إلى أعلى هيئات المعارضة ، هيئة التفاوض، التي من المفترض أنها الطرف الذي يفاوض الحكومة السورية للوصول إلى حل ينهي مأساة الأعوام العشر الماضيات، لكن الهيئة هذه المرة تحتاج لمندوبين لحل الخلافات بينهم، ما هي هذه الخلافات الكبيرة التي تستدعي تدخل الوزراء والمبعوثين؟ هل تستطيع هيئة التفاوض استكمال مشوار التفاوض؟ من تمثل هذه الهيئة؟ هل هو الخلاف الأول في صفوف المعارضة السورية؟
الخلاف المزمن في هيئات المعارضة:
منذ انطلاقة الحرب الأهلية السورية، بادرت النخب السورية المعارضة لتأسيس الكيانات والهيئات التي تمثل طرفا من هذه الحرب، وقد اختلفت الآراء في شكل هذه الهيئات وممثليها، بادر الجميع أن يكونوا شركاءً ومؤسسين لواجهات الحرب، إلا إن رائحة الفضائح لم تفارق مسيرة هذه المعارضة منذ اليوم الأول وحتى تاريخه، وإن كان اختلاف الجماعات المسلحة التي تمثل المعارضة داخل سوريا على الغنائم قد أوقعت الآلاف من القتلى والجرحى في صفوفهم، فأن النخب السورية المعارضة واكبت هذه الخلافات وكانت الغنائم هي الطامة التي تشعل لهيب خلافاتها.
ما أسباب خلاف اليوم في هيئة التفاوض؟
بعد لعبة الكراسي بين ممثلي الإخوان، أنس العبدة ونصر الحريري، حيث تبادلا رئاسة هيئة التفاوض وائتلاف قوى المعارضة والثورة، استنادا على معايير المعارضة والتي ذهب محللون مقربون من أوساط المعارضة إلى أن أنس العبدة أكثر قدرة واقتدارا على التحكم بهيئة التفاوض بعد توسعتها الأخيرة، لتضم إلى جانب الإخوان بعض الشخصيات السورية المحسوبة على مصر وروسيا ، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى، أن نصر الحريري، لا يملك زمام أموره وكل ما يهمه كرسي، أيا كان شكل الكرسي، وحيث أن أداءه في هيئة التفاوض ” هيئة الرياض” كان هزيلا واستدعى إخراجه منها،ولأن كرسي رئاسة الائتلاف أصبح من الكماليات، حيث بات الائتلاف عبئا على الدولة الراعية له، تركيا، تم تعيين الحريري رئيسا للائتلاف، ليؤتي بالعبدة لتصفية التركة التي كادت أن تخرج من سيطرة الإخوان على خلفية قرار المملكة العربية السعودية قطع دابر هذا التنظيم.
أسباب خلاف اليوم في صفوف المعارضين السوريين، لا تختلف عن أسباب الخلافات السابقة ، فقد اعترض أعضاء من كل من هيئة التنسيق ومنصتي موسكو والقاهرة على طرد كل من قاسم الخطيب ومهند دليقان من هيئة التفاوض واللجنة الدستورية واستبدالهم بوجوه أخرى وقد ذكر في الرسالة الموجهة للمبعوث الدولي: ” أن هناك طرفا معطلا ويسيطر على هيئة التفاوض السورية، وأن هذه الطرف يعقد اجتماعاته طوال سنة كاملة دون حضور هيئة التنسيق الوطنية ومنصة موسكو ومنصة القاهرة وأنه مرر باجتماع لهيئة التفاوض السورية، لم تحضره أي من الأطراف الموقعة على هذه الرسالة، قرارا بإنهاء عضوية الأستاذ قاسم الخطيب في كل من اللجنة الدستوية وهيئة التفاوض السورية وبشكل غير قانوني”.
إلا إن الطرف الآخر يؤكد أن طرد الخطيب جاء بناء على طلب الجهة التي رشحته كممثل لها في هيئة التفاوض وهي منصة القاهرة وتيار الغد السوري بقيادة، أحمد الجربا، حيث كان الخطيب عضوا في التيار والمنصة ولكنه أعلن الحرب على الجهة التي كان يمثلها في هيئة التفاوض واللجنة الدستورية لأسباب غير سياسية، كما تقول مصادر مقربة من زعيم تيار الغد، أحمد الجربا، وأصبح من المحسوبين على المعارض السوري، هيثم مناع، رئيس تيار قمح والرئيس الأسبق لمنظمة الخارج في هيئة التنسيق، وتم طرد الخطيب من تيار الغد ومن منصة القاهرة بناء على ذلك، وتبرز الجهة التي طردته، رسالة من منسق منصة القاهرة وعضو هيئة التفاوض، فراس الخالدي، يطلب فيها من الهيئة طرد الخطيب واستبداله بمحمود الحسن في الهيئة وتليد صائب في اللجنة الدستورية وهما عضوان في منصة القاهرة وتيار الغد السوري، بعد خلافات في صفوف منصة القاهرة كان طرفاها الممثل، جمال سليمان وهيثم مناع.
إلى أين تقود المعارضة دفة سوريا؟
يقول أبو الطيب المتنبي :
على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم
يقال في الأثر، يعرف المرء من أحزانه، ولأن أحزان رجالات المعارضة السورية ونسائها لا تبتعد عن المناصب والظهورات التلفزيونية والمكافآت التي تدفع لقاء المناصب والدعوات والمؤتمرات فإن خط سير هذه المعارضة، يعكس مستواها ويفسر أسباب انحدارها وعدم احترام أي طرف في هذا العالم لها، ناهيك عن السوريين الغلابة أمثالنا، فقد تواصلت الفرص لوجوه المعارضة على طبق من ذهب، حين ساعدتها الظروف للخروج إلى الضوء إلا إنها أكدت المؤكد وقالت أن الفأر لا يمكن أن ينجب أسدا وأن من شبّ على شيء يشيب عليه، اللهم أنجينا شر النهايات السيئة مثلما فعلت بالمعارضين السوريين الأشاوس، جيل القومية والدين والحرية والديمقراطية والعلمانية الإخوانية، ليس العيب في المسلحين إذا كانت النخب على شاكلة غليون والمالح والعبدة وووووووووووو.
يبدو أن من ينتظر من المعارضة السورية أن تجلب له مستقبلا لائقا كمن ينتظر من البقرة أن تطير، لقد استقال حتى الآن عشرات المبعوثين والمندوبين الدوليين الخاصين لمتابعة الأزمة السورية والتابعين لحكومات العالم على خلفية فشلهم في حل الأزمة، ولم يستقل معارض سوري واحد من هيئة وتنظيم ومؤتمر، كيف يستقيل وهو من نجاح إلى نجاح، أنظر حال السوريين في مناطق سيطرة المعارضة وسنعلم أي نجاحات تحملها المعارضة لهم، لم ولن يستقيلوا ويتقاتلون على المناصب.