تنازعني شعور الفراشة عندما تحلق للمرة الأولى في السماء . سأرسم ما أريد ، و لن أخاف من أحد ، لا شيخ ولا رجل أمن ، ولا حتى أمي أو إخوتي . واظبت على الذهاب إلى صالة الفنون مدة سنتين متتاليتين ، خالي أعجب بلوحاتي التي كنت أرسمها ، وصار يدعوني لمرسمه في البيت حيث يقطن ، والذي تدمر فيما بعد كليا بفعل الحرب الأهلية ، صار يعلمني أسرار اللون وخطوط الأحاسيس عندما تخلق على البياض . كم أحببت تلك الريشة التي لونت حياتي بألوان قوس قزح ، ورسمت امتدادي الأنثوي المتحدد فوق جغرافية المكان والوجود البشري ، بعيدا عن عيون أمي وأخوتي . أحببت أستاذ الفنون في مراهقتي ، أو أحببت اللون الذي يخضب أصابعه وروحه به ، وأحببت اللوحة التي تفجرها أحاسيسه الفائرة كنبع لا ينضب . قد كنت في الصف الحادي عشر، عندما صرحت بحبي له . طالبة أن يحبني كما أفعل .عيناه انكشفتا فجأة عن ضوء كان مغطى بظلمة ما ، اقترب مني متأفعيا بشهوة عريقة ، وأمسك بيدي ولدغ بشفتيه الحارتين شفتي . لن أنسى أبدا تلك القشعريرة التي فجرتها قبلته في جسدي الذي انتفض وتعرق من الشهوة معلنا بداية فهم جديد وسعيد للشيء المحبوس وراء جدرانه المغلقة . تلك القبلة صنعت تناغما لكينونتي المرمية في زاوية ما من هذا الوجود ، فرقصت في البيت وغنيت لمارسيل خليفة :بين ريتا وعيوني بندقية. . لم تكتمل فرحتي ، فبعد فترة قصيرة غادر أستاذي إلى القامشلي ، وتزوج من ابنة عمه. عندها صرخت بيني وبين ونفسي : لقد خدعني ذلك الأحمق الملون كالحرباء. وعرفت أن الرجال لهم طريق يسيرون عليه كالقدر. ما أسرع تلك العلاقة مع أستاذ الفن ، قبلة وتمسيد يدي ثم تلاشى كل شيء .هكذا ستصبح علاقتي مع الكثير من الرجال ، ولكن بشكل أعمق . سيغزونني بانتهاك سافر، يرمون فضلاتهم فيّ ، ويغادرون وكأن شيئا لم يكن . الرجال في العلاقة الجنسية مثل قاذفي اللهب في الحروب ، يحرقون كل شيء وراءهم ،ثم لا شيء غير السخام في النهاية .
مقتطف٥ ..ضياع في استنبول
3