مناوشات عربية كردية في سوريا
استثمرت جماعات الإسلام السياسي ومموليهم والمتمولين منهم، كل الفرص المتاحة أمامهم لإضرام النار في العلاقة بين العرب والكرد السوريين، وقد كانت قناة الجزيرة القطرية والتي تحولت مع موجة الكوارث التي ضربت المنطقة العربية إلى لسان حال للجماعات الجهادية بمثابة رأس الحربة لإضرام النيران في سوريا والمنطقة العربية عبر خطاب فاضح تستبدل الهويات الوطنية إلى هويات تابعة لمسعى تركي للسيطرة على المنطقة العربية، وتحت تأثير هذه الموجة الإعلامية التي أدارها وقادها عضو الكنيست الإسرائيلي والمرشح السابق لرئاسة دولة إسرائيل، عزمي بشارة، تحول جزء من العرب السوريين إلى تُبّع يكررون ببغائية الدعاية التركية التي تعتبر المنطقة العربية أرثا تاريخيا لها ومن المنطق أن تقوم باستعادتها بعد أن أخرجهم العرب من أرضهم عبر ثورة انطلقت من الحجاز بقيادة الشريف حسين وبمشاركة من جميع مكونات العالم العربي .
في سابقة أولى عبر التاريخ يقدم شبابا عربا بالتطوع في جيش أجنبي يقدم على احتلال أجزاء من بلادهم، بل ذهب الأمر أبعد من ذلك، فقد انبرى الآلاف منهم من أنصار جماعة الإخوان وتوابعها من الجماعات الإسلامية للتطوع في الجيش التركي لقتال الجيش العربي الليبي وهو يحاول استعادة عاصمته طرابلس من الميليشيات الجهادية التي تبث الرعب والفوضى والقتل حيثما حلت، وقد كان هؤلاء نتيجة طبيعية لضخ إعلامي من النخب العربية عموما والسورية على وجه وهي تنسحق أمام جماعة الإخوان في افتضاح أمر هويتها التي لا تمت للهوية القومية والإنسانية بأية صلة.
تناولت النخب السورية الموضوع الكردي بعدائية شديدة فمن برهان غليون الذي انبرى بداية لتقديم ولائه لخطاب الإخوان عبر الضرب في حقيقة الوجود الكردي في سوريا كجزء من النسيج المجتمعي واعتبرهم مجرد مهاجرين فيما ذهب رفيق دربه هيثم المالح إلى تهويمات سمجة في حديثه عن الكرد وجنح آخرون مثل أسعد الزعبي وفيصل القاسم وأحمد كامل وميشيل كيلو وجورج صبرا إلى أقاصٍ لم يكن بالإمكان التصريح بذلك لو توفرت مكاتب قانونية ترفع عليهم قضايا في الدول التي يحتمون بها ويحملون إقاماتها وجنسياتها.
من الجانب الكردي بقي الخطاب العنصري مختصرا على أفراد مجهولين لا قيمة سياسية تذكر لهم حتى ظهر أحد هؤلاء المجاهيل والذي حصل على منصب اعلامي في حزب أيديولوجي كردي يحصل فيه الكرد على مناصبهم بالتزكية والولاء للزعيم الكردي التركي الأسير، عبد الله أوجلان، ولأنه أخذ منصبه بحكم إظهار الولاء فقد أوقعه مذيع قناة الإسرائيلي عزمي بشارة في مطب ساذج وجعله ينظر إلى نصف سكان إدلب باعتبارهم من أنصار جبهة النصرة وهي معلومة تحدث فيها الكثير من العرب السوريين من أبناء منطقة إدلب على وسائل التواصل ومنهم من المحسوبين على جماعات الاخوان وتفرعاتهم. لكن الأمر لم يمر كما يحصل حين يكون المخطئ كرديا، فقد ضجت وسائل التواصل بخطأ الجاهل الكردي متناسين جرائم أشقائهم على رؤوس الأشهاد والتي مرّت دون أدنى تأنيب ضمير منهم بل شجعوها وبرروها بكل الطرق.
طُرد الكردي من منصبه فيما تم تثبيت العرب السوريين التابعين لتركيا في مناصبهم بل تم مكافئتهم على عبارات عنصرية واهانات بحق الكرد ليواصلوا ردحهم ولكن هل لتُبّع تركيا وقطر مكانة في مستقبل بلادهم؟ لا أعتقد فالخيانة الوطنية ليست وجهة نظر ومن خان بلاده لا يمكن أن يكون له مكان فيه.