من مذكرات كازانوفا
“إن الإنسان الذي يربد أن يكوّن ثروته في عاصمة العالم القديم هذه، ” روما” ، يتعين عليه أن يكون حرباء، في قابليته لعكس ألوان البيئة المحيطة به، ومثل بروتوس في قابليته لاتخاذ كل شكل وهيئة، وعليه أن يكون طريّاً، مرناً، متزلفاً، متقرباً، غامضاً ووضيعا في أغلب الأحيان، غداراً في أحيان أخرى، يخفي على الدوام جزءا من معرفته، ينهمك في لهجة صوت واحدة، يتقن التحكم في سحنته، قادرا على أن يكون باردا كالثلج في حين يكون كل شخص آخر نارا مشتعلة، وإن كان لسوء الحظ غير متدين في قلبه ـ هذا شيء مألوف عند من يملك المتطلبات الواردة أعلاه ـ فعليه أن يبقي الدين في ذهنه، أي ظاهراً على ملامح وجهه وعلى شفتيه وفي سلوكه.
عليه أن يتظاهر دائما ويترك الألم في أعماق سحيقة، يتألم بصمت وهدوء وفي عزلة تامة إن كان رجلا شريفا، فتلك هي ضرورات الحياة في العاصمة، النفاق خطيئة واجبة للحياة هناك، وأي رجل لا تحتمل روحه مثل هذه الحياة، عليه أن يغادر بلا تأخير، يبحث عن حظه وثروته في مكان آخر.
لا أدري أن كنت امتدح نفسي أم ألتمس الاعذار لنفسي المجبولة بالخطأ، لكنني من كل الصفات التي ذكرتها كنت امتلك واحدة فقط، هي المرونة.”
- من مذكرات كازانوفا، “1725 ـ1798،” محامي إيطالي عٌرف بعلاقاته النسائية المتعددة والتي بلغت حسب الروايات 565 علاقة غرام، ولد في البندقية وغادرها فور انهاءه دراساته في القانون وتنقل بين عواصم ومدن أوروبا، شاعرا جوالا وعاشقا، يقال أنه ما قابل امرأة إلا وعشقته.