نورا لبيب الطريف تكتب: ليلة الهروب من بيت أهلي
لم أفكر في يوم من الأيام بأنني سأغادر بيت أهلي حتى ذلك التاريخ، درست في مدارس دوما ومن عائلة ميسورة الحال، وفي العام 2010 حصلت على الشهادة الإعدادية بمعدّل ممتاز فأشترى لي أبي هاتف سامسونج حديث كان قد منعه عن إخوتي الأكبر مني في مناسبات نجاح سابقة، طبعا لم تستوقفني هذه اللفتة إلا في وقت لاحق ، تماما عندما بدأنا نسمع في الثانوية عن أخبار مظاهرات حصلت بمدارس قريبة منا ولم ندري بها، قرأت في إحدى صفحات الانترنت وكانت على ما أذكر صفحة مدارس ريف دمشق إن هناك مظاهرة نظمت في مدرستنا، سألت زميلاتي في الصف فكان جهلهم مثل جهلي، حتى أنهم اشتركوا بالصفحة نفسها لمعرفة الأخبار التي لا يعرفونها عن أنفسهم، يومها تواصلت أنا نيابة عن زميلاتي بمسؤولي الصفحة، أعرفهم بنفسي وبأنني أتحدث نيابة عن مجموعة بنات مدرسة “…” متسائلة عن السبب الذي منعهم عن إعلامنا بالمظاهرة التي جرت في مدرستنا ولم ندري بها ولا نعرف عنها شيئا، يومها فاجأني الرد بأنه يعرفني بدلالة علمه بنوع الهاتف الذي استخدمه.
تكررت اتصالاتنا وبدأت اللقاءات وعرفت بعد حين أن موضوع المظاهرات هي أن أقوم بتصوير مشاهد أمام باب المدرسة وأرسلها له وهو يقوم بوضع أصوات معبرة عن المظاهرات ويقوم بنشرها، كانت أولى المفاجآت أنه اعطاني ذات مرة جهاز هاتف من نفس ماركة هاتفي لاعطاءه لإحدى زميلاتي لتقوم بالتصوير، قال لي، هذه هديتنا لتشجيع الشباب على الثورة، كانت أولى الصفعات التي أتلقاها، حين عدت إلى البيت سألت أبي: هل أشتريت لي هذا الهاتف؟ كانت المرة الأولى التي أقرأ الانكسار في عين أبي، لم يغضب، أراد أن يكذب، لكنه تراجع في تلك اللحظة، قال أشياء كثيرة ولم يقل شيئا، قرأت أول كتاب في رحلة عمري التي لا تريد أن تبدأ.
للقصة بقية……