هل تستطيع”قسد” فرض نفسها كحليف استراتيجي
في ظل الصراع الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط وتداخل مصالح القوى العظمى و تقاطعها ، بدأت الدولة التركية تكشر عن أنيابها بزعامة حزب العدالة والتنمية الذي يترأسه أردوغان ، لتظهر في هذا الصراع كقوة تريد تحقيق المطامح التركية في استرجاع الخلافة العثمانية البائدة، ولم توفر أية وسيلة في سبيل تحقيق ذلك.
ابتداء من تسهيل دخول الإرهابيين عبر أراضيها ، التي أصبحت منذ السنوات الأولى من الصراع في سوريا مرتعاً للإرهاب و تجنيد الإرهابيين ، مرورا بحملاتها العسكرية في الشمال السوري التي احتلت على إثرها بعض المدن السورية (جرابلس ، عفرين ، تل أبيض ،رأس العين ) ، وانتهاءً بتحويل الشباب السوري إلى مرتوقة مستغلة في ذلك ظروفهم المادية الصعبة ومنهم من غرر بعقله وترحيلهم إلى ليبيا ليكونوا حطبا لنيران حروب السلطان هناك.
الأمر الذي جعل من تركيا تلك القوة التي تحول دون الوصول إلى حل في الدول التي تدور فيها الصراع، من خلال دعمها للفصائلالإرهابية و التنظيمات الإسلامية ذات الطابع الراديكالي ، كإخوان المسلمين مثالا ، مما شكل تهديدا على مصالح بعض الدول الإقليمية وأمنها القومي، كجمهورية مصر العربية وبعض دول الخليج العربي ، وكذلك هددت مصالح الدول العظمى المتداخلة في الصراع بشكل مباشر أو غير مباشر .
هنا برزت قوات سورية الديمقراطية، كقوة تشكل التوازن على الساحة السورية و خاصة بعد أن فشلت القوى العالمية بتشكيل جيش سوري معارض بعيد عن تدخلات الجماعات الإسلامية ذات الطابع الراديكالي التي تسيطر تركيا على معظمها.
فأصبح جميع القوى المتصارعة ، والتي تريد أن تحمي مصالحها ، وتضع حدّاً لنمو الفكر الإخواني والسلفي الراديكالي ومنع وصولهم إلى سدة الحكم في سوريا ، تدعم هذه القوات بشكل مباشر أو غير مباشر ، الأمر الذي جعل بقاء هذه القوات أمرا واقعاً، قائماً على التناقضات و الخلافات السياسية بين القوى المتصارعة ، ولكن هل تستطيع قوات سوريا الديمقراطية أن تفرض نفسها كحليف استراتيجي لا غنى عنه ، وليس فقط حليفا مؤقتا ينتهي و يزول مع رياح التفاهمات الدولية .
الأمر الذي لا أراه مستحيلا ولكن يجب أن تتوفر فيها بعض الشروط.
أولا: أن تستطيع هذه القوات إشراك جميع مكونات المنطقة في صفوفها وقد نجحت نوعا ما في ذلك .
ثانيا: توحيد الإدارة السياسية التي تأتمر هذه القوات بأمرها وكذلك يجب أن تحتوي على ممثلين من جميع المكونات لإضفاء الشرعية عليها ، و لم تكن مبادرة السيد مظلوم عبدي لتوحيد القوى السياسية الكردية إلا لهذا الهدف والذي ينصب في الأخير لتوحيد الصفوف وتشكيل قوة سياسية موحدة تمثل هذه المناطق بكامل أطيافها .