إلهان تانير تكتب: مناقشة مشروع عقوبات أمريكية على تركيا
من المتوقع أن يصدر قانون عن لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي هذا الأسبوع، ويتضمن بندا يضغط على الرئيس دونالد ترامب لتطبيق عقوبات ضد تركيا في غضون 30 يوما من سن هذا القانون.
وأقر مجلس النواب الأسبوع الماضي تشريعا لفرض عقوبات على تركيا بسبب شرائها لأنظمة صواريخ إس-400 الروسية، في خطوة لدفع ترامب لاتخاذ موقف أكثر صرامة ضد أنقرة.
وأشار التشريع إلى أن شراء حكومة تركيا لنظام الدفاع الجوي والصاروخي إس-400 الروسي وانطلاق الشحن يوم 12 يوليو 2019 يندرج على النحو الموضح في الفصل 231 من قانون مكافحة أعداء أميركا من خلال العقوبات المُعتمد ضد روسيا وإيران وكوريا الشمالية.
وحسب هذا التشريع الذي قدمه عضو الكونغرس الجمهوري آدم كينزينغر، والديمقراطي أبيجيل سبانبرغر، والعضو الجمهوري البارز في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب مايكل ماكول، يجب أن يفرض الرئيس خمس عقوبات على الأقل من العقوبات المحتملة الـ12 المنصوص عليها في قانون مكافحة أعداء أميركا في موعد لا يتجاوز 30 يوما من تاريخ سن هذا القانون. ومن المتوقّع أن يكون الموعد النهائي قبل شهر تقريبا من الانتخابات الرئاسية المقررة في 3 نوفمبر.
ويجب أن تبقى العقوبات سارية إلى أن تُثبت أنقرة أنها لم تعد تمتلك منظومة إس 400 أو أي سلاح روسي على الأراضي التركية.
تشمل العقوبات الـ12 المدرجة في قانون مكافحة أعداء أميركا والتي يمكن أن يفرضها ترامب على تركيا حظر القروض من الولايات المتحدة والمؤسسات المالية الدولية، بما في ذلك البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، مع تشديد القيود المصرفية.
ويعاني الاقتصاد التركي من تداعيات جائحة فيروس كورونا الذي ضرب البلاد بينما كانت تحاول التعافي من الركود الذي أثاره الخلاف الدبلوماسي مع واشنطن في 2018 والذي دفع قيمة الليرة إلى أدنى مستوياتها.
ويعتقد 58 في المئة من المشاركين في استطلاع رأي أجري مؤخرا في تركيا أن ظروفهم المادية أسوأ مقارنة بسنة 2019. ومن المتوقع أن يرتفع تضخم أسعار المستهلكين في تركيا، وفقا لمسح شهري أجراه البنك المركزي. كما تراجعت ثقة المستهلكين في يوليو، مما يشير إلى صعوبة في تحقيق آمال أنقرة في الانتعاش الاقتصادي القوي في النصف الثاني من السنة الحالية.
أوقفت الولايات المتحدة تسليم 100 طائرة مقاتلة من طراز إف-35 إلى تركيا وسحبتها من برنامج لبناء الجيل الخامس من الطائرات الحربية بعد أن تلقت أنقرة أنظمة صواريخ إس-400 الروسية في يوليو الماضي. لكن ترامب تجنب فرض عقوبات صارمة على تركيا بموجب قانون مكافحة أعداء أميركا، الذي ينص على ضرورة فرض عقوبات على الدولة التي تشتري نظاما دفاعيا كبيرا من روسيا.
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في إشارة إلى “نورد ستريم 2” إن المستثمرين في خط أنابيب الغاز الطبيعي الروسي قد يواجهون عقوبات في خطوة تهدف إلى كبح نفوذ موسكو الاقتصادي على أوروبا. وأشار إلى أن الولايات المتحدة قد تستخدم قانون مكافحة أعداء أميركا لمعاقبة المشاركين في “ترك ستريم” أيضا.
وقد بدأ البناء ضمن مشروع “ترك ستريم” في مايو 2017 وبدأت عمليات التسليم إلى بلغاريا في يناير، ليصل الغاز إلى دول أوروبا الوسطى.
وقال بومبيو في بيان اعتبره تحذيرا واضحا للشركات التي تشارك في المشاريع المرتبطة بروسيا: “اخرج الآن، أو خاطر بتعريض نفسك للعواقب”، مشددا على أن بلاده لن تتسامح مع هذه الممارسات.
تشير مثل هذه التصريحات إلى أن الولايات المتحدة تستعد لاستخدام قانون مكافحة أعداء أميركا بقوة أكبر في الأشهر المقبلة. ولا نعلم بعد ما إذا كان هذا سيشمل عقوبات يمكن أن تضر بحكومة أردوغان مباشرة. ويُذكر أن الولايات المتحدة استبعدت أنقرة من برنامجها الخاص بتطوير مقاتلات إف-35. وقررت لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأميركي حجز ست طائرات مقاتلة من نفس الطراز بعد أن بيعت إلى تركيا.
ونجحت إدارة الرئيس ترامب في التصدي لدعوات فرض عقوبات شديدة ضد تركيا، بما في ذلك عقوبات قانون مكافحة أعداء أميركا. ثم أعلن ترامب عن عقوبات مؤقتة عندما أمر أردوغان بشن هجوم ضد المسلحين الأكراد في أكتوبر 2019، حيث كانوا القوة القتالية الرئيسية ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). كما رفع التعريفات الجمركية على وارداتها من الصلب وعلق صفقات تجارية ضخمة لكن العديد من المشرعين قالوا إن الرد الأميركي يجب أن يصل إلى أبعد من ذلك، حيث اعتبرت هذه العقوبات بلا أنياب.
وفي ديسمبر، أقرت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ مشروع قانون يفرض عقوبات على تركيا. ومع ذلك، لم يصل هذا إلى مجلس الشيوخ، حيث أوقفه زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور ميتش ماكونيل، وهو حليف قوي لترامب.
ومن جهة أخرى، أوضح مستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتون في كتابه الأخير أنه انتقد دوافع ترامب عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع أردوغان، مما يشير إلى أن علاقات الرئيس الشخصية والتجارية تؤثر على موقفه تجاه تركيا. لكن أسباب معارضة ترامب للعقوبات ضد أردوغان ليست واضحة تماما للمراقبين، الذين لا يرون أن الولايات المتحدة تجني فوائد من دعم بعض المغامرات الأجنبية التركية في سوريا أو ليبيا.
ووفقا لأستاذ العلاقات الدولية بجامعة قادر هاس في إسطنبول، سولي أوزيل: “يمكن القول إن تركيا المنهكة تعتمد على دعم الولايات المتحدة الضمني في ليبيا على الأقل”. ويعتبر أردوغان القائد الأكثر تواصلا بالرئيس دونالد ترامب، وتوفر هذه العلاقات التي تبدو وثيقة الدعم الذي يحتاجه الرئيس التركي. لذلك، يرى أوزيل أنه لا يمكن الاستهانة بالبعد الأميركي في أنشطة تركيا.
أكد الجيش الأميركي أنه سيشتري طائرات مقاتلة من طراز إف-35 بعد أن كانت مخصصة لتركيا، منهيا تكهنات المراقبين بمصيرها بعد طرد أنقرة من برنامج المقاتلات التابع للناتو في 2019.
أثناء ذلك، تعهدت الحكومة التركية بالانتقام إذا مرر الكونغرس الأميركي مشروع القانون الدفاعي الذي يمنع شراءها لطائرات إف-35، وهو تهديد فشلت في متابعته حتى الآن.