إضراب عن الطعام يودي بحياة المحامية التركية السجينة إبرو تيمتك

أعلنت شركة للمحاماة وفاة محامية تركية أمس الخميس في مستشفى في إسطنبول بسبب إضرابها عن الطعام منذ 238 يوما بعد إدانتها العام الماضي بتهمة الانتماء لمنظمة إرهابية.

وأكدت شركة (قانون الشعب) للمحاماة على تويتر أن إبرو تيمتك أضربت عن الطعام للمطالبة بمحاكمة عادلة، لكنها توفيت بعد أن توقف قلبها اليوم الخميس.

وقالت منظمات دولية لحقوق المحامين إن تيمتك، المحكوم عليها بالسجن أكثر من 13 عاما، وزميلها أيتاج أونسال دخلا في إضراب عن الطعام في أبريل/نيسان “لدعم مطلبهما بمحاكمات عادلة وتطبيق العدالة في تركيا”.

وكان المحاميان قد تعهدا بمواصلة الإضراب عن الطعام حتى وإن أفضى لموتهما، وفق ما جاء في بيان للرابطة الدولية للمحامين ومنظمات أخرى في 11 أغسطس/آب.

وشهدت جنازة المحامية مواجهات دامية بين المشيعين وقوات الامن التركية حيث أطلقت الشرطة التركية الغاز المسيل للدموع وطاردت مئات المشيعين اثناء مراسم الدفن.

وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع فيما كانت أسرة وأصدقاء تيمتيك يقتربون من مقبرة في شمال اسطنبول حيث هتف المشيعون “تيمتيك خالدة” و”الدولة القاتلة مسؤولة” بعد أن وضعوا رداء المحاماة الخاصة بها وزهورا على قبرها.

وهددت الشرطة المسلحة بدروع مكافحة الشغب بمهاجمة المشيعين إذا لم يتوقفوا عن ترديد الشعارات وطاردتهم بعد مراسم الدفن.

وتختزل مأساة المحامية السجينة تيمتك حجم القمع الذي تمارسه أجهزة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بحق معارضيه ومناخ الترهيب الذي يسود تركيا بعد التعديلات الدستورية التي منحت الرئيس صلاحيات تنفيذية واسعة لتكثيف ممارسات القمع ضد منتقديه.

وتم القبض على تيمتك في عام 2017 بتهم تتعلق بالإرهاب مشابهة لإدانات موكليها الذين واجهوا تهماً مماثلة بشأن عضويتهم في حزب جبهة التحرير الشعبي الثوري المحظور (DHKP-C). وحُكم عليها بالسجن 13 عامًا وستة أشهر في عام 2019.

بدأت المحامية السجينة رفقة سبعة من زملائها من جمعية المحامين التقدميين، إضرابًا عن الطعام في 3 فبراير/شباط وتوقفت عن تناول أي مكملات سكر في 5 أبريل/نيسان، وحولت إضرابها عن الطعام إلى ما يسمى بصوم الموت.

ولا يزال المحامي أيتاك أونسال مستمرً في إضرابه عن الطعام الذي بدأه مع تيمتك بعد ان حُكم عليه أيضًا بالسجن. وكان كلا المحامين يطالبان بمحاكمة عادلة، قائلين إن “إدانتهما لم تستند إلى أدلة”.

وفي سياق متصل قال نائب حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد عمر فاروق جَرْجَرلي أوغلو في تدوينة صوتية، “كان الجميع يعلم أنها كانت تسير نحو وفاتها منذ أن بدأت إضرابها عن الطعام لمدة 238 يومًا، أهملوا صيحاتنا”.

وأضاف جَرْجَرلي أوغلو إن “تيمتك لم تكن تريد أن تموت، لكن سلطات الدولة التركية تجاهلتها. وقد أثارت قضيتها مخاوف بين المنظمات القانونية الدولية بشأن نزاهة واستقلالية المحاكمة”.

وتقول جمعية المحامين التقدميين إن القضية التي جرت فيها محاكمة تيمتك وأونسال رفقة 16 محاميا آخرين كانت بسبب أدلة مزورة وغير مقبولة.

ويذكر أن المحكمة في إسطنبول رفضت طلبات جمعية المحامين التقدميين للتحقق من الملفات الأصلية المستخدمة كدليل في القضية المرفوعة ضد 18 محاميًا. كما رُفض طلب الدفاع بالحصول على نسخة من الأدلة، وجعل الخبراء يقيّمون أصالة الملفات.

وحكم في مارس/آذار من العام 2019 على تيمتك والمحامين الآخرين بمجموع أحاكم تصل إلى 159 عاما في السجن، وتم الانتهاء من الأحكام في 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وكان ينبغي لتقرير المحكمة الابتدائية أن تأخذه محكمة الاستئناف في الاعتبار بتاريخ 9 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. “مما يثبت أن المحاكم لم تجر تقييماً قانونياً”، وفق جمعية المحامين التقدميين.

ولا يزال المحامي الآخر أوسنال بحسب موقع ‘أحوال تركية’ في المستشفى منذ 30 يوليو/حزيران الماضي.

وليست المرة الأولى التي يتوفى فيها أحد سجناء الرأي والناشطون بالسجون التركية بسبب إضرابهم عن الطعام طلبا لمحاكمة عادلة أو تمردا على ممارسات القمع التي مورست بحقهم في تركيا.

فقد توفيت مغنية في الفرقة الموسيقية التركية ذات التوجهات الراديكالية ‘يوروم’ في الثالث من أبريل/نيسان الماضي بعد نحو 300 يوم من دخولها في إضراب عن الطعام احتجاجا على القمع الذي استهدف فرقتها وعلى الملاحقات ومضايقات الأجهزة الأمنية التركية ومداهمة المراكز الثقافية.

كما دخل كثير من المعارضين البارزين الأكراد في إضراب جوع وحشي وقاتل ردا على الممارسات القمعية لنظام أردوغان، ولعل إضراب النائبة الكردية المناصرة لقضايا الأكراد ليلى غوفين دليل على مدى اكتواء المعارضين والمنتقدين للرئيس التركي بنار القمع المشتعلة منذ تولي الإسلاميين الحكم في العام 2022.

وتضامنا مع ليلى غوفين نفذ نحو 3 آلاف سجين في العام 2019 إضرابا عن الطعام واحتجاجات على ممارسات القمع في تركيا والعزل المفروض على زعيم الأكراد المسجون عبدالله أوجلان، فيما انتحر 4 نشطاء أتراك بسبب استمرار اعتقال أوجلان.

اترك رد