ضياع في استنبول ١٤
سرقوا حقيبتي التي فيها اكثر من ألفي دولار وجوازي سفرنا انا وابنتي ، وقالوا لي : دمك حلال لنا ، كما دم ابنتك . أرادوا ترويضي لأنغمس معهم في قذاراتهم التي تلبسهم بدءا من الحذاء وحتى اللحية . لقد شهدت حالات رضوخ وركوع نساء مهجرات مات ازواجهن في الحرب . حوض أنوثتهن جمع زبالتهم وقيئهم من اجل الحصول على سلات غذائية . رفضت ركبي ، وناضلت حتى لااسقط تحت اجسادهم المفرزة لروائح حادة كريهة . دائما يبحثون عن امرأة تجمل شهواتهم الفاسقة وقبحهم الشديد . صرت أعمل اثنتي عشرة ساعة في اليوم . لم يحمني احد سوى نفسي . هربت منهم ، لكنهم وجدوني في النهاية ، وبعدها قام إرهاب ثورتهم بتقطيع لحمي وفكري ، وسرقة لقمتي … ورسمي ، وحلمي . أرادوا تسليع جمال شكلي فطلبوا مني العمل كبنت ليل تنام مع رجال الأعمال ، والميسرين والتجار في أقبية سرية مشبوهة تحت الأرض فرفضت. عملت في مكتب المفوضية الكندية في مرسين وهناك وعدوني بإرسالي إلى كندا شرط ان انتحل شخصية امرأة أخرى ليست سورية ، والتوقيع على بعض الأوراق باسمها ، من أجل الحصول على الجنسية التركية. قالوا لي : لا عليك سنحميك ، لدينا القوة والسلطة لنبعد عنك كل شبهة ، خفت جدا ، ورفضت واعدة إياهم بالذهاب إلى مكتب المفوضية الرئيسية في أنقرة وفضحهم . في نفس اليوم أتى قائمقام المنطقة ليراني مع مترجمه ،اشترى مني لوحتين ، ليسكتني ، وقال بنبرة هادئة : إنّ لنا عيونا في كل مكان تراقبك ، إياك أن تفكري باللعب معنا ، دائما السمك الصغير يؤكل من السمك الكبير، وغادر مبتسما . هناك لعبة كبيرة يحاولون لعبها ولم أعرف بالضبط ماهي . لماذا اختاروني أنا ؟ هل لأني امرأة وحيدة مع ابنة قاصرة ؟ ذهبت خلسة إلى انقرة لأقابل القنصل السوري .. لكنهم اكتشفوا أمري، ولاحقوني من شارع إلى شارع ، ثم سرقوا حقيبتي بكل مافيها .قابلت القنصل السوري في انقرة . كان يشبه حصالة نقود آلية ، اذا وضعت مالا ، تكلم.. واذا لا أدار ظهره لك. صرخت في حضرته ، وبكيت ، وكدت انتف شعري ، فأعطاني وثيقة مهجرة وعليها ختمه كي أستطيع العبور من مدينة الى اخرى بحرية . لقد اخبرته بكل الذي حصل معي. نظر إلي عندها نظرة مبعثرة خالية من المعنى ثم قال : انتهى اللقاء.