كل شيء في هذه الغرفة يدل على شخصيته البسيطة والواضحة ، الفوانيس التي تعمل بفتيل الزيت رغم وجود الكهرباء ، البساط التراثي الأحمر المزركش الذي يغطي كامل الجدار الحجري ، صورة امرأة عجوز تقدم خبز التنور له ،وبعض الصور الملتقطة لأطفال مصابين بالتوحد والتخلف العقلي .. وعلى الأرض بسط صوفية مزركشة بالوان قوس قزح ، وطاولة خشبية تحمل صناديق مطعمة بالبلور الأحمر والأزرق والأخضر والأبيض . حاولت أن أتكلم بهدوء لكني صرخت وبكيت شاتمة الله . قدم لي الماء ، وتابعت بنفس الحدة وقلت ولعابي يسيل: لماذا لم ترد علي حتى بتقطيبة لشتمي ربك الذي تحبه؟ . فرد بهدوء : هل كنت سعيدة عندما فعلت ؟. وأجبت ساخرة : بالطبع . وفاجأني عندما قال: إذن الله سعيد لأنه جعلك تشعرين بالفرح عند شتمه. وتذكرت لحظتها أخي عندما سحبني كالكلبة من شعري في ساحة الدار ، وضربني ضربا مبرحا ، حتى سال دمي فقط لأنني سببت الله أمامه. شعرت بالسكينة لحديثه المقتضب ، فكأن يد ملاك تغلغلت إلى روحي ومسحتني بزيت مقدس ، وجعلتني أمسك بغيم أبيض له أجنحة ، وأطير في عالم لم أذهب إليه أبدا من قبل . ركعت أمامه ، وقلت أريد ابنتي التي بعتها بالدولار ، سأرجع مالهم أيها المبجل . لا أستطيع العيش وحيدة هكذا إلى الأبد ، رفعني ببراءة طفل من أمامه ، وقال : لن تكوني وحيدة ، الله سيكون معك دائما .
ضياع في استنبول٢٠
12