أنا وكلبي
اسمه نجم وعيناه تلمعان باستمرار مثل أي كوكب مضيء . ينام خارجا ليحرس ظلال بيتنا التي تلتهما ديدان ذات مؤخرات فوسفورية . حاولت مرارا أن أجعله ، يكف عن العواء ليلا ، لكنه ببساطة يسري مثل نسمات حارة ، ويضل في الفراغ الغامض ليأخذ حريته كاملا في إتمام ترنيمته الليلية. ربما يوما ما سأحاول تقديمه لكلبة ناضجة ، تفهم حقيقة تبرمه وهروبه السمج في ازقة القرية ، نحو تلال سنمية. الزمن يتقدم مكسورا ، فأرغب بمعانقته ، وربطه من رقبته ، كي لا ينهمر مع الغيوم التي تسابق الخيول الاصيلة عند جارنا الذي كان إقطاعيا ، في زمن ماض.
له قلب من بازلت ولايخاف من الشتائم التي يرمى بها من قبل ربات المنازل ، فهو ينسل ببطء ويدخل البيوت من أبوابها التي يدغدغها الهواء ، ويسرق قطعا من الجبن الابيض. واكثر ما يزعجني في وجوده أنه تجاوز الخطوط الحمراء ، وخاصة مرافقته دجاجات تمردت على زعيمها الديك المتسلط والشهواني. فهن ضد تعدد الزوجات والممارسة الجنسية يوميا . نجم كان يهز رأسه طربا عند صياح الديك ثم يطلق عواء مرنا يصدح في كل الاتجاهات ليلاحقه في النهاية أمام زوجاته الكثيرات ويحصل على بعص الريش كهدية. صحيح فنحن في زمن الحداثة .فلا بد من إطلاق الأصوات الحبيسة التي تنادي بالحرية ،ولابد من القضاء على التقليد وذرية الماضي التي تحرث في ارض غير خصبة . نجم ، ياله من كلب مدلل! ، فكم وجدته يلف حول رقبته ربطة عنقي السوداء، ليتباهى بها أمام كلبات متشردات كن يهرولن أمامه بتكبر . وكم كان لطيفا وذكيا! حينما أمسك بأسنانه العاجية ثيابي ذات الالوان القزحية ،ورماها لشحاذ عار.
مرة استطاع انقاذ طفل كاد ان يغرق في ماء النهر الجاري ، فسمي المنقذ وكرّم من اهل القرية ؟ وذلك بأن بنوا له تمثالا من الجص في الساحة العامة ودهنوه بماء الذهب ، ولم يكتفوا بهذا الشيء، بل رسموه على جدران بيوتهم التي أكلها الصدأ . لقد غدا بطلا من أبطال الإنقاذ ، وصار كلما شاهده الاطفال صفقوا له ، وركضوا خلفه ليعطروه ويحنوه بالدواء الأحمر.
عاش كلبي السلوقي نجم ، وعاشت فصيلته المحبوبة .
أنا وكلبي
10