سوريا والمصالحة الخليجية “2”
لم يكن أمر المصالحة الخليجية، مفاجئا على المشتغلين في الشأن العام في العالم، رجال الساسة والإعلام، إلا في سوريا، حيث يغيب الشأن العام خلف ركام الشعارات والتلعثم وانتظار ما يحمله القدر ، نعم لقد تحولت السياسة والإعلام في تلك البلاد إلى شكل من أشكال التفاصح الكلامي.
تضيق مساحة التاريخ لدى أغلب الساسة السوريين، ينطلق الأغلبية من العام 2011 كبداية والنفق المظلم الذي يعيشوه كمستقر أخير، حين استيقظوا على أصوات وسائل الإعلام تنقل لهم أخبار الدماء التي تسيل، فيتلون التاريخ في أعينهم بألوان الجثث المضرجة بدمائها، ويكون الحد الفاصل في تقييم هذه الجهة أو تلك هو موقفها من التاريخ الذي ارتسم على حين غرة منهم، تأخذ المعايير لدى معشر النظام والمعارضة هو موقف الدول والساسة من بداية التاريخ وحتى اليوم، كأن ما قبله لم يكن ثمة شيء وما بعد لا يوجد إلا هذا النفق الذي استلذوا المقام فيه.
شعوب بلا ذاكرة
من منسيات السوريين الكثيرة والتي سقطت مع انهيار السقف على رؤوسهم أن الخلافات العربية البينية كانت واستمرت بهم وعليهم وبدونهم، لم يكونوا في يوم من الأيام إلا هامشا لهذه الخلافات، منذ أربعة عقود على الأقل، حين استولى الخميني على السلطة في إيران بعمل مدبر من عواصم غربية، تستخدمهم قطر أحيانا وإيران وتركيا في غالب الأوقات، كلما استدعت الحاجة، هذه الحاجة لم تكن ضرورية في يوم من الأيام ولكنها تأتي كهامش على الطريق.
في أشهر العسل السورية القطرية كانت النخب السورية التي تحولت إلى شظايا في فوهات المدافع المعدة للإيجار على الجبهات السورية المتخاصمة على سراب ، تكرر ما يسجل عليها القطري، بدءا من رئيس الدولة ومستشاريه ومرورا بالسادة المتحولين إلى المعارضة، وكان صيف العام 2006 وما تلاه عام التدشين القطري الرسمي للخطاب السياسي السوري بكافة اطيافه وتلويناته وانحدار المستوى بدءا من ” أنصاف الرجال” على لسان الرئيس، في وصف الملوك والرؤساء العرب المختلفين معه في رؤيته للفقاعات الإيرانية ، ومرورا بوضع إمكانات سوريا الإعلامية تحت سيطرة خدم الاعلام القطري أمثال فيصل القاسم وانتهاء بخطاب ما تسمى قوى المعارضة، حيث جمدت جماعة الإخوان نشاطاتها وعادت النخب السياسية المعارضة إلى عزف أناشيد الحماسة والحرب على إسرائيل.
شطارة السياسي السوري
لأسباب كثيرة ، تاريخية واجتماعية، تحولت سوريا إلى حقل للأيديولوجيات المستوردة من الغرب، فمن الشيوعية التي رسخت وجودها منذ ما يقرب من مئة عام، إلى الإخوان المسلمين ،مخلفات العثمانيين بعد انقراضهم في موطنهم الأصلي، تركيا على يد الجنرال مصطفى كمال أتاتورك، إلى ما تبقى من مخلفات النظريات الفاشية والنازية المهزومة والهاربة من موطنها إلى سوريا وبلاد الشام، اجتمعت أكثر انحرافات تواريخ الفكر الإنساني خطورة على أرض سوريا، وبين شوارب الرفاق القوميين والشيوعيين ـ من مختلف القوميات في سوريا ـ ولحى الإخوة المتمأسلمين، تضاءلت سوريا حتى باتت لا تتسع إلا لقائد واحد أحد، قائد يجب أن يقود قطيع الثيران الإيديولوجية نحو عالم يشبههم رغما عنه .
الأسد الأب موحد الإيديولوجيات وباني سوريا الحديثة:
لن تنسى كتب التاريخ بإن العاصمة السورية، دمشق، لم تكن عاصمة دولة ذات أهمية تذكر عبر تاريخها إلا مرتين، الأولى كانت بفضل الخليفة، معاوية ابن ابي سفيان، مؤسس الإمبراطورية الإسلامية وصانع أمجاد العرب والمسلمين، الثانية بفضل الرئيس الراحل، حافظ الأسد.
ربما ما يجمع الخليفة الأموي، رضي الله عنه، والرئيس الراحل، رحمه الله، أكثر من أن تكون الصدفة وحدها هي التي رمت بأقدارهم إلى دمشق لتكون منطلقا لهم إلى امتحان القوة والسلطة، ربما أيضا ، قرأ الثاني الأول جيدا وعرف نتائج ما كرره الخليفة العباسي، هارون الرشيد في لحظة شعور بالخوف من زوال جبروت السلطة : “إنما العاجز من لا يستبد” متذكرا جنوح البرامكة وفسادهم، قصّر الأسد “شعرة معاوية” حتى باتت غير مرئية ، ولكنه منح لسوريا ما عجز عنه كل من مروا من قبله منذ تأسيسها الحديث وفق اتفاقية سايكس بيكو وحتى “تصحيحه” لخطوات رفاقه الثوريين الذين اعتقدوا أن كرسي الحكم يحتمل الشعارات الثورية التي جمعت السوريين خلفهم، وأن كلام المقاهي هو ذاته إدارة الدولة.
يقال في الأثر: أن أمة بلا قائد لهي أمة بلا بعل أو سيد، يقال أن الأمة التي تفقد قائدها كالأمة التي تفقد بعلها أو سيدها، لذا تكثر البعول حولها، كل منهم يريدها له، فتنشب معارك وتجرى مصالحات ولكن الأمة محاصرة في بيتها، تنتظر من سيظفر بها، كان الأسد الأب قائدا لسوريا بلا منازع، لم تكن إيران أو تركيا أو إسرائيل تفكر في لحظة أن تحوم حول سوريا، كان الأسد يتقن تماما إدارة سوريا رغم الإمكانات والظروف التي لم تمنحه لحظة هدوء واحدة، ضجيج مخلفات الأيديولوجيات داخلها بكل سمومها، ولهيب الصراعات حولها، وبحذره وتوجسه اجتاز أصعب الامتحانات ولم يسقط ومعه بقيت سوريا أرضا تحتمل الحياة وهيء الأرض لتستمر من بعده ولكن!
الأسد الوريث وورطة سوريا:
كانت جنازة الرئيس الراحل حافظ الأسد آخر صورة لسوريا كدولة قوية ذات هيبة وسط العواصف التي تعيد صياغة عالم ما بعد سقوط الشيوعية، لم يمر يمر أكثر من 13 شهرا على تنصيب الرئيس الوريث بإرادة ومباركة المجتمع الدولي وبحماس عربي عموما وخليجي على وجه الخصوص لعملية التوريث، وصباح عيد ميلاده الثاني وهو على كرسي الرئاسة، صعق العالم بانهيار برجي التجارة العالمي في نيويورك، وبدأت قادة دول العالم بترتيب أوراق بيتها حسب مقاييس المشروع الأمريكي واتجاهاته، بينما كان الرئيس الوريث ينظر للمسألة وكأنها لا تستحق إعادة النظر في توجهات الرئيس، وبدأ مسلسل الانحدار، حيث غابت الوصية التي تركها والده المؤسس ” إنما العاجز من لا يستبد”.
دخل الأسد الابن إلى زمن التحولات الكبرى متكأ على عصا إيران التي حاولت الاستثمار في الحرب الأمريكية على الإرهاب وتحوير هذه الحرب باتجاه مصالحها، انطلاقا من سردية منحطة مفادها استثمار اللحظة للثأر من أحفاد قتلة الحسين بن علي، رضي الله عنهما، فضمت تحت جناحها إلى جانب تركة الأسد الراحل كل المتناقضات التي تلزم الجميع بمواجهة لا خيار فيها إلا الانتحار قربانا للمعركة الإيرانية التي لم ولن تنتهي، والتي بدأت منذ صعود العرب إلى مسرح التاريخ من خلال رسالة الإسلام التي حملها الرسول وحتى إشعار آخر.
حرب حرية العراق أم غزو العراق:
في أزمنة التحولات الكبرى عادة ما تعاود النزوعات البدائية ظهورها ، لتستدعي بداية جديدة، لكن بدون وجود منظومة قادرة ” نخب ومؤسسات “على إدارة هذه النزوعات البدائية ، تصل هذه النزوعات البدائية إلى مرحلة التوحش والهمجية والخراب.قد تساعد النزوعات الغريزية إلى العودة إلى الجذور والأصول ولكنها لا تحضر إلا وتدفع الجغرافيا ضريبة باهظة للسماح بها، فما من دولة صغيرة أو كبيرة تريد أن تتقدم أو أن تستمر في الحضور بدون خريطة طريق تتجدد عند كل منعطف تاريخي، تلك الخريطة هي الرؤية المستقبلية المتكاملة وإذا أردنا أن يكون المستقبل رؤوفا بنا فلا من صنعه بالمشاركة مع الآخرين وليس على الضد منهم، فبناء مستقبل بلد في العالم ما هو إلا بناء زاوية في مستقبل العالم أجمع.
حين قدمت أمريكا لمحاربة القوى التي ارهبتها في 11 سبتمبر، هرعت إيران لمشاركتها في الحرب وتقديم خدماتها، مثلها فعلت دول العالم، إلا قلة قليلة لم يثر غيابها أي أزمة في حروب بعيدة عن أرضها، فكان غياب سوريا عن حرب إسقاط طالبان أمرا عاديا بالنسبة لأمريكا والعالم، لم يكن الأمر عاديا حين قدمت أمريكا إلى العراق المجاور، فقد واظبت إيران على الحضور والمشاركة في الحرب فيما غابت سوريا واختارت أن تكون صدى للسردية الإيرانية المخادعة المستندة على الشعارات الغوغائية من طراز” الموت لأمريكا والموت لإسرائيل” “مواجهة قوى الاستكبار العالمي”.
لم يقرأ الرئيس بشار الأسد المشهد بعين الرئيس الوريث لتركة أبيه الذي شارك في حرب أمريكية سابقة على العراق في بداية العام 1991، فوضع يده في أيدي لم تكن موضع ثقة أبيه في يوم من الأيام وأصبحت قوافل “المجاهدين” تمر من مكاتب ضباطه لمحاربة الجيش الأمريكي، تلخص مشروع الأسد في مقاومة الأمريكي سعيا لإضعافه كي تقوى إيران، عادة تدخل الدول مواجهات عسكرية كي تعزز مواقعها، فيما سجل الرئيس الأسد سابقة في تاريخ الدول الحديثة وهي الدخول في مغامرة انتحارية لتعزيز موقع إيران وسيطرتها على دولة عربية جارة.
تتالت الأحداث وكثرت الخدمات القاتلة التي يقدمها الرئيس السوري لتعزيز موقع إيران ووهم قيادتها في السيطرة على العواصم العربية، ليأتي اغتيال رئيس الوزراء اللبناني، رفيق الحريري،كنقطة التحول الكبرى التي ستحدث القطيعة بين سوريا والمملكة العربية السعودية وعطفا عليها خروج سوريا من محيطها العربي ومكانتها الاقليمية والدولية وتموقعها رسميا في جبهة محاربة المصالح العربية عموما والسعودية، الأمريكية، الغربية ” سوريا في مواجهة العالم” عبر تعزيز المصالح الإيرانية إلى جانب تنظيم الإخوان المسلمين والتنظيمات الجهادية الأخرى التي سرعان ما ستنقلب في وقت لاحق على بشار الأسد ، كمحاولة ثانية لها لتصفية ثأر قديم مع والده الراحل ومع الدولة التي أسسها.
حكايات عن صراعات النفط والغاز:
يوضح الضابط الأمريكي ” روب تايلور” في بحثه ” سياسة أنابيب النفط في سوريا” المنشور في مجلة ” القوات المسلحة الأمريكية” إنه في : ( العام 2009 اقترحت قطر مد أنبوب الغاز الطبيعي عبر سوريا وتركيا نحو أوروبا، لكن الأسد ماطل وعوضا عن ذلك ذهب إلى عقد اتفاق مع العراق وإيران لمد خط الأنابيب من جهة الشرق للوصول إلى المتوسط ومنها إلى الأسواق الأوروبية).
لم تأخذ معاناة دول القوقاز ” أرمينيا وجورجيا وأذربيحان” وعدم الاستقرار الذي تعانيه، جراء خطوط أنابيب الغاز والنفط من بحر قزوين نحو أوروبا، أي التفاتة من النخب السورية، رغم أن الصراع الدائر بين أرمينيا وأذربيحان منذ سقوط الاتحاد السوفياتي يكاد أن يتطابق مع الصراعات التي جرى وما زال مستمرا في سوريا، وقد شارك طرف من السوريين في الحرب الأخيرة بينهما كمرتزقة لصالح تركيا وبموافقة روسية، رغم وجودهما عسكريا في سوريا.
لقد صادف ويالها من مصادفة أن تندلع الحرب السورية “حكاية الجيش الحر والجبهات الاسلامية” في نفس الشهر الذي تم فيه التوقيع على معاهدة بوشهر ” حزيران 2011″ والتي تضمنت بناء خط أنابيب غاز يمتد من إيران إلى العراق إلى سوريا بمسافة 1500 كم برا ” 250 كم داخل ايران، 500 كم العراق، 700 كم سوريا وصولا الى المتوسط ومنها الى أوروبا عبر اليونان، انطلاقا من أكبر حقل للغاز في العالم وهو الحقل الإيراني القطري المشترك المعروف باسمه”نورث دوم، ساوث بارز”، الأنبوب الذي كان سيتم تشغيله بين العامين 2014 و2016 وتبلغ طاقته المتوقعة نحو 110 مليون متر مكعب يوميا، كان الخط أكبر تهديد لتركيا ولقطر مشتركين.
كانت المعارك الأكثر شراسة هي التي تجري في المناطق التي قد يصلها خطوط الأنابيب التي لم ينفذ أي منها حتى اليوم، فخط الأنابيب القطري كان يفترض به أن يمر عبر السعودية ومنها إلى الأردن ليقطع سوريا من الجنوب إلى الشمال “درعا ـ دمشق ـ حمص ـ حلب ـ إدلب ” بينما كان الخط الإيراني يمر عبر “البوكمال ـ دير الزورـ حمص بانياس”.
ماذا تريد قطر من المنطقة؟
كشفت مآسي العرب منذ العام 2011 مآرب قطر بجلاء، فقد صرح أميرها للقذافي بأنه لن يهدأ له بال إلا حين يتمكن من الإطاحة بجارته السعودية، وقد حزم نفسه جيدا لهذه المهمة وظن أنه قاب قوسين وأدنى من تحقيق حلمه بتحويل المنطقة إلى منطقة نفوذ قطرية اعتمادا على مصر وسوريا بعد تمكين الإخوان المسلمين من حكم البلدين العربيين وبمساعدة من تركيا.
لكن ما حلم به أمير قطر وباح به للقذافي لم تكن إلا هلوسات مجرم محترف بسفك الدماء وهذا تحديدا ما لم يغب عن ذهن إدارات الدول في المنطقة، وهو نفسه الغائب الأكبر عن الإدارة السورية، فما أرادته قطر ها هي شريكتها في أكبر حقول الغاز في العالم تحاول استكماله، ظنا منهم إن إدارة الدول تتلخص في سفك الدماء، وأن الخراب يمكن التحكم بحدوده.
أوهم الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، الجماعات الإسلاموية بأنها ستدعم مساعيهم للوصول إلى السلطة، لكن الثقة كانت معدومة بعد الحصاد الأفغاني المر، لكن قطر وإلى جانبها الرئيس التركي وحزبه ” الإسلامي” استطاعوا جرّ هذه الجماعة لتكون منطلقا لمشروع القطري التركي في قيادة العالم الإسلامي، وكان لعاب التنظيم الأم للجماعات الإسلاموية ، جماعة الإخوان المسلمين، يسيل للسيطرة على قبلة المسلمين حسب المخطط القطري المعلن في أكثر من مناسبة، المشروع الذي بدأ بالتوازي مع سقوط ليبيا وتحويلها إلى قاعدة لنقل السلاح والجهاديين إلى سوريا أولا ، باعتبارها حقل تدريب مؤقت لهؤلاء ليتم نقلهم فيما بعد إلى السعودية، حيث حلم أمير قطر ووزير خارجيته بتقسيمها.
لم يكن استقبالها للرئيس التونسي، زين العابدين بن علي، عن عبث، فقد رسمت منذ تلك اللحظة ملامح وخطوات التصدي للمشروع الذي ظهر على حقيقته بعد أشهر قليلة حين وصل إلى دمشق، لقد ظهر ما سمي بالربيع العربي على حقيقته بكونه ربيع التطرف الإسلامي أو سكرات موت الإسلام السياسي، حيث اجتمعت الجماعات السنية والشيعية الإسلاموية وكانت الحرب باسم الإسلام وبين المسلمين وعلى أرض المسلمين.
في أوخرالعام 2012 وبداية العام 2013 كان المشهد واضحا، السعودية الدولة العربية الأقوى والأكثر تأثيرا، محاصرة من جميع الجهات، من الجنوب حيث الحوثيون لا يخبئون أحلامهم بتدمير المملكة على رؤوس أهلها، ومن الداخل السعودي والشمال يرقص أنصار الإخوان باسمائهم المتعددة” داعش، القاعدة…..” ويزبدون وينفذون العمليات الانتحارية ومن الغرب حيث الإخوان يسيطرون على القاهرة ويعدون العدّة لوضع الأماكن المقدسة تحت سيطرتهم ومن الشرق حيث إيران تضرم النيران في البحرين.
أمام هذه التهديدات المتعددة والتي كانت جلها مدعومة من قطر، ذهبت السعودية والامارات نحو الحسم، فكان تدخل قوات درع الجزيرة في البحرين أولى تلك الخطوات، ثم جاء الدور على مصر ووضعت الدولتان العربيتان كل ثقلهما لخلاص الشعب المصري من هذه الجماعة وبدأت الخطوات الأخرى بتجريم أدوات قطر في حروبها وهي جماعة الإخوان المسلمين وباتت اللوحة واضحة في سوريا مع سقوط نظام الاخوان في مصر وتنفس بشار الأسد الصعداء ولكنه لم يستفد من الدرس أبدا، ذهب به الاعتقاد أن وقف الهجوم الضاري للجهاديين في سوريا تم بفضل إيران وميليشياتها ولكن الأمر كان واضحا وضوح الشمس، واعتمد بشار وجمهور الجهاد السوري بعماء أمير قطر حين اعتبر سوريا ” صيدة” وأنه خسرها لأنهم ” تهاوشوا عليها” فيما كانت الحقيقة واضحة كالشمس، حيث فرضت كلا من السعودية والامارات والبحرين ومصر الذهاب إلى المفاوضات برعاية دولية لأنفاذ ما تبقى منها.
الخير والشرّ في الحرب السورية:
الدعايات التي صاحبت بداية الحرب في سوريا، انطلقت من ثنائية مفادها أن الخير كل الخير موجود في المستقبل، حيث ذهبت الدعاية المقادة قطريا وتركيا، بأن الخير قاب قوسين وأدنى بعد إسقاط بشار الأسد، فيما الشر كله يتلخص في الماضي، حيث حكم الأسدين ، الأب والابن، بينما ذهب المعسكر الثاني من المحاربين السوريين إلى القول بإن الخير كل الخير موجود مع انتصار محور ما يسمى المقاومة بقيادة إيران فما الفرق بينهما؟! لماذا اختلف شركاء الأمس “تركيا، إيران، قطر” وعلى ماذا يتصالحون في سلسلة اتفاقات بدأت بالآستانة ووصلت إلى سوتشي وما زال القادم أسوأ؟ هل تغيرت المعادلة؟ هل يتصالح الخير مع الشرّ؟
إنها السياسة في موقع كلام في السياسة….. يتبع في الحلقة القادمة