العظم يتكلم
أكلت لحمي هل تصدقون ؟
بكل بساطة قضمت أطرافي .. وأسناني الحمراء تنتشر في كل مكان مني . إني أسمع معدتي وهي تطحن .. إني أسمعها ، صوتها يرج عظامي يا لهذه الروعة ! لقد أكلت لحمي ولحم أصدقائي ، بدأت بأدمغتهم مثلي تماما ، وانتهيت بأصابع أقدامهم . لم يعد لي أصدقاء .. أو بالأحرى صار لي أصدقاء من عظم فقط !
تخيلوا تلك العظام وهي تتحرك في حديقة .. في مدرسة .. في شارع .. في مظاهرة .. في مؤتمر .. في عرض عسكري .. أو في لحظة حميمية .
لا بد أنكم عاجزون عن إبداع صورة كهذه . فالعقل لا يتقبلها أبدا . ببساطة حدثت معي وسوف تحدث معكم . ربما الآن وربما غدا .. أو بعد غد .
لا تدعوا أحدا من أصدقائي العظميين يدق بابكم ، أو يقرع أحلامكم .. فمجرد رؤيته من خلف النافذة ، فعلى الدنيا السلام . لأنكم ستبدؤون بقضم أنفسكم .
الواحد يبدأ بنفسه ثم بالآخرين .
يا أصدقائي !
يجب أن نجد حلا .. علينا تقبل فكرة ما بعد أن نكون عظميين ، ليس هناك من حل آخر .. لان اللحم لن يكسو أجسامكم مرة أخرى .. وليس غير الله بقادر على اكسائكم إياه .
اليوم هو الخميس وقد امتلأت الشوارع بنا . الضجيج الكبير أصبح قريبا ربما اليوم وربما غدا ربما بعد غد .. لا أعرف . المفاصل تصطك ببعضها . صرير الأسنان يصم الآذان .
اليوم هو الجمعة العظمية، فالشجر أصبح عظميا والنهر عظميا وعقب البنادق عظمية والتماثيل عظمية . كل شيء غدا عظميا .
فأنا أكتب بعظمة .. وأمص عظمة .. وأحلم بعظمة . هل أنتم كذلك.