أنا كاتب ليس غير ، أؤلف القصص الخيالية التي تتشرب الواقع . هناك من حملني مسؤولية التهرب مما تحمله شخصياتي ، التي أوردتها في كتبي. قلت لهم :هي مجرد ظلال رسمتها.
شعرت بالخيبة المريرة من وجودهم ومن استنطاق عيونهم ومن استفساراتهم الملغزة . ظلوا يلاحقوني .. كانوا كظلي ، فأينما أذهب أجدهم أمامي . . وكانوا كالهواء الذي أستنشقه .
البطل الأسطوري الذي تحدثت عنه في بعض القصص .. حولوه إلى كائن حقيقي.. كائن كسوه باللحم والأحاسيس والانفعالات البطولية المحضة . لم يستطيعوا مسحه من ذاكرتهم وأحاسيسهم . لقد أكدوا على أنه موجود ولايمكن أن يكون غير ذلك . طلبوا مني أن أعرفهم عليه ،ليصنعوا له تمثالا من النحاس الأصفر .
شعرت بأنصال نظراتهم تخترق مخيلتي .. وبدم يسيل ليلوث شريط البطولة الطويل لكائنات مفترضة .
ولم يكن مني سوى الهروب ليلا إلى أعلى الجبل . حيث جعلت روحي تتمرأى بالنجوم المشعة .. وتتمرغ بالهدوء والصمت رغم العواء الوحشي.
بجسد ملتف على الوحدة ، صرخت بشخصيات أبطالي الأسطوريين كي يخرجوا من أرض الأوهام.. صرخت ملء صوتي . وضحكت مقهقها. وما كدت أنهض حتى سمعت صليلا قويا .. حدقت مليا لأعرف مصدر الصوت . كان الضباب كثيفا لدرجة أنه حجب عني الرؤية .. لكن صوت الرجال وصراخهم وصليل السيوف وقرقعة الدروع .. جعلني أنتظر. في الأسفل كانت تجري معركة حقيقية .. معركة حامية الوطيس . التفت خلفي فوجدت جميع الذين كانوا يطالبونني بالتعرف على أبطال قصصي، يحدقون بي ببلاهة… أشرت إلى الأسفل .. وهناك بدا يتضح كل شيء بعد أن زال الضباب .. كان الوادي العميق مملوءا بجثث المحاربين ،وبدمائهم التي خضبت الرمال وأبصارنا ..ومن بعيد شاهدت بعض الفرسان الذين يشبهون أبطال قصصي كثيرا ، مندفعين نحونا و سيوفهم ورماحهم مسلطة علينا!.
الخروج إلى الموت
12
previous post