الإسلام السياسي في فرنسا
ليس من الصعب أن تراهم وتعرفهم وتعرف أثرهم في فرنسا، يكفي أن تزور إحدى ضواحي باريس أو مارسيليا أو باقي المدن حتى تتعثر بكل ذلك، تأتيك الصفعة في الوجه إذا كنت مسلما، تأتيك الطعنة في القلب إذا كنت مسلما وعربيا أيضا، تأتيك الفكرة والابتسامة الخبيثة لو كنت من جماعات اليمين العنصرية، ستقول ما أعتقد أن مارين لوبان تقوله : لقد وجدت ضالتي أتمنى دوام الحال واشتداده.
تضخم زحف جماعات الاسلام السياسي على مسلمي فرنسا في زمن كان المسلم الفرنسي في ربيع علاقته مع الدولة والمجتمع الفرنسي، يذكر الجميع أن عهد الرئيس ، فرانسوا ميتران، أزهى عهود الوئام والتضامن في المجتمع الفرنسي، لم يكن ثمة مشكلة اسمها مشكلة مسلمي فرنسا، دخل الإخوان من بوابة تمثيل المسلمين كمجتمع معزول عن البقية، اقتراح قوانين خاصة لمسلمي فرنسا دون غيرهم من الفرنسيين، كانت الأزمة الوحيدة في ذلك الزمن أزمة تنسيب مرض نقصان المناعة المكتسبة “الأيدز” إلى سكان أفريقيا السود، كان المسلمون يتباهون بأنهم ليسوا ضحايا هذا المرض بسبب ضوابط دينهم ومعتقدهم، لم تكن ثمة أزمات أخرى، كانت الأصوات تتعالى ضد العنصرية، لم تكن مارين لوبان ووالدها المؤسس، جان ماري لوبان، يحلمان بأكثر من البقاء على قيد الحياة في القرى النائية.
استغلت جماعات الإخوان أفكار التسامح والتضامن في المجتمع الفرنسي وأرادوا عزل المسلمين كي لا يدخلوا في الحياة، بدأوا صغارا مستغلين سلاح التسامح الذي يعلو ويزداد قوة، ضربوا مناعته في إحدى أركانه المهمة، مسلمو فرنسا هم بناة فرنسا الحديثة وجنودها وليسوا فقط لاجئين حملتهم محاولات الاسلاميين للوصول الى السلطة، تدرج الدخول وكانت الموجة الأولى عدديا مع صعودهم في الجزائر وضربهم المجتمع الجزائري بالعمق خلال سنوات الدم والرصاص، حصلوا على ما أرادوا من تمثيل وأكثر مع توفر الدعم الحكومي الفرنسي عبر الرئيس السابق نيكولا ساركوزي حين كان وزيرا للداخلية، من المعروف أن ساركوزي يرتبط بعلاقة ملتبسة مع والدة أمير قطر الحالي، موزة، وهو متهم في القضاء الفرنسي بتلقي أموال من القذافي لتمويل حملته الانتخابية، ومن المعروف أيضا أن موزة زوجة أمير قطر السابق ووالدة الحالي كانت الوسيط الذي أعاد القذافي إلى فرنسا بعد غياب واتهامات فرنسية له بجرائم قتل مواطنين فرنسيين.
فهم العلاقة بين ساركوزي والشيخة موزة والقذافي، ذاك التحقيق الذي لا بد أن الدولة الفرنسية تجريه لإنقاذ المجتمع الفرنسي من انفجار قادم من القنبلة النووية القطرية وأقصد الإخوان المسلمين ، أمر لا بد منه، إنه الحاجة الأكثر الحاحا في الوقت، سمعت من الكثير من الفرنسيين الغيورين على سلامة بلادهم من حرب أهلية يتم التحضير لها من طرف جماعة الإخوان، نعم لا أبالغ في ذلك، جماعات اليمين المتطرف في فرنسا تهيء نفسها للحظة المواجهة وتباشيرها واضحة، الإخوان أيضا لم يخبئوا استعدادهم ولم تكون أحداث مدينة ديجون وطريقة حلها إلا استعراضا مبكرا لصور مسلمي فرنسا كأسرى لدى هذه الجماعة لتحقيق مصالح أمارة أخذتها الكراهية لمحيطها وأصلها إلى دعم جماعة لا تحمل الخير لأحد.
لقد دخل الاخوان كعادتهم ليس بقوة فكرهم وعمق تأثيره على مسلمي فرنسا وإنما بطرق غير شرعية تأبى كل الشرائع الدينية والأرضية عن قبولها، ليس صدفة أن الضواحي التي يسيطرون عليها هي مراتع لعصابات المخدرات والرقيق الأبيض، الدعارة، السرقة، وقد كشفت الأحداث الأخيرة في أحد أحياء ديجون الفرنسية على استعدادهم لمواجهة الدولة الفرنسية حين يتطلب الأمر، أشار الكثير من الساسة الفرنسيين إلى خطورة الوضع ، هناك اتجاه يتبلور مؤخرا للذهاب إلى حظر جماعة الإخوان المسلمين التي حولت حياة مسلمي فرنسا إلى عقاب لا ينتهي، يكفي أن تكون مسلما حتى تكون منبوذا بسبب أعمال جماعة تقول إنها تمثل المسلمين. فعلوا ذلك دائما وحيثما حلّوا، دمروا بلادهم وهاهو الخطر الأكبر هو الذي ينطلق من أوروبا كما قال ولي عهد المملكة العربية السعودية، الأمير محمد بن سلمان.