أعلن الصمت
أعلن الصمت
……..
اليوم بالضبط كتبت على جدار صفحتي في الفيسبوك : أعلن احتجاجي على هذا العالم البربري لذا سأصمت ولن أتكلم ابدا . وطلبت من أصدقائي وصديقاتي وأقربائي ألا يحاولوا الاتصال بي أو زيارتي . وكذلك ارسلت رسالة الى رئيس حزبي تتضمن استقالتي من الحزب فورا لأسباب تتعلق بقراري الأخير .
شعرت بالراحة حقا ،رغم انفجارات الصواريخ والقذائف التي كانت تحدث بين الحين والآخر في مدينتي العريقة المهدمة بفعل الحرب الأهلية . ولم يمض وقت طويل حتى أتت لجنة من الحزب واستجوبني بسبب تقديم استقالتي ، فكتبت لهم على ورقة بيضاء : ارجوكم احترموا خصوصيتي. دعوني بسلام .فقد اعلنت الصمت وسأدمنه مثلما يدمن الخمّار النبيذ. علت قهقهة من احد الرفاق ثم تبعتها اخرى من رفيق آخر ، وصار الواحد منهم يعدي الآخر بالقهقهة . عندما هدا الجميع قال أحدهم: انك تمزح بالتأكيد ؟ انت تعرف اننا نواجه مؤامرة عالمية ،وعليك ان تكون معنا لا علينا . انتفخت أوداجي غضبا ، وأشرت لمتحدثي دون أن أفتح فمي ، صمتي ليس له علاقة بأي شيء آخر سوى راحتي النفسية . غضب الرفاق مني وهب أحدهما واقفا ثم قال : أيعقل أن تفكر بنفسك وبصمتك وراحتك وتنسى آلام شعبك.؟ لم نعرفك رومانسيا نرجسيا عاشقا لذاتك . اخبرتهم بالإشارات والإيماءات٠والإيحاءات وسيماء وجهي والرقص : إن الإنسان بحاجة لفترة صمت وهدوء وتأمل وحكمة وإيمان حتى يؤثر بالعالم أكثر. وهنا حملوا حقائبهم وغادروا وهم يصرخون دفعة واحدة : أنت سياسي منشق وستحاكم بتهمة الخيانة.
مساء وجدت نفسي في السجن ، كنت اعرف مصيري لذا كتبت بجانب مئات الجمل المدونة على الحائط : من الصمت الأصغر إلى الصمت الأكبر… وهذه سيرتي من البداية حتى النهاية .