الذي سرق قلبه
لم اصدق حينما قال لي الطبيب إنني بلا قلب . فصرخت كيف يمكن ان أفقد ذلك الشيء المهم من قفصي الصدري . هل هرب أو سرق مني وانا نائم .شيء لا يصدق حقا. لم تكن ردة فعل طبيبي طبيعية فعلا وقتها. فقط نفخ دخان سيجارته في وجهي وهز رأسه ثم أومأ لي بان أذهب . مشيت في أزقة حارتي الضيقة المملوءة بأكياس الزبالة ، وبأولاد يرسمون على الجدران قلوبا لها أجنحة. تابعت بخطى سريعة نحو الساحة العامة ، وهناك رأيت قلوبا معلقة بخطاطيف داخل صندق من الزجاج المملوء بمكعبات الثلج . قلت للبائع : كم ثمن الواحد منها . ابتسم وهو ينظر لصدري ثم قهقه قائلا : إن أعطيتك واحدا فسيفسد بين رئتيك . حمل صندوقه الثقيل ومضى دون ان ينظر وراءه . امسكت بحجر وحطمت زجاج صندوقه ثم خطفت قلبا باردا وهرعت راكضا إلى خارج المدينة . و حدث مالا يمكن تصديقه فعلا ، فقد تكلم القلب معي بهدوء وحكمة وقال لي :
_لماذا تريد قلبا ؟
_ لأنني بلا قلب .
_ القلوب مكانها عزيز. ولايمكن ان تعيش في مكان فاسد.
_ ماذا تقصد ؟
ببساطة نحن نحيا بالعشق . وانت لم تعرف العشق أبدا . حاولت كثيرا ، لكنني فقير جدا .
_انت فقير في الحب ،اعشق تصبح غنيا .
رأيت في تلك اللحظة رجالا مثلي يحملون قلوبا باردة ، ويحدثونهم بحزن ، مثلما فعلت أنا بالضبط . ولكن للأسف بعد فترة قليلة ، توقفت القلوب عن النبض وفسدت مع مرور الوقت، فأصبحت رائحتها لا تطاق . رميت قلبي في مكب الزبالة ، وفعل الآخرون نفس الشيء ،ومضينا نبحث عن قلوبنا المفقودة.