التجدد والتغرب
(تتجدد حين تتغرب)، هذا مايقوله اغلب الشباب في البلاد التي تكبر فيها الأزمات وخاصة في مايسمى بلاد ثورات الربيع العربي . يبدو انناخارج كل شيء ومن البداية حتى النهاية . انظروا للتهديم الذاتي في مجتمعاتنا العربية ، وصورة التغييب الكلي للعقل في امور الدنيا والوجود . الاستبداد والثورات أعطيا بؤسا لامثيل له، وراكماه فوق بعضه ليصبح جدارا يصطدم به إنساننا المتأمل جوهر وجوده والباحث عن التغيير والتطور . فكثر الجهل والتخلف والشعوذة والأمراض الاجتماعية والعقد المكتسبة من الاسرة والتاريخ والأنظمة الطائفية. ماذا حلّ بنا منذ ثلاث عشرة سنة إلى الآن .تقدمنا نحو البحر في زوارق المهربين المأجورين الذين بلاشفقة . وتشكلت دول من المخيمات لعبت بها قوى التطرف الديني والسياسي ، وتحكمت بأعمدتها يد الخيانة واللاوطنية. ماذا انتجت الثورات الآن ، وما الذي قدمته للشعوب العربية منذ الماضي البعيد ؟ لاشيء ، سوى القهر والفقر والحطام البشري وأوطانا مهدمة. الورثة الحقيقيون للبناء الاستراتيجي والسياسي والثقافي والمعماري والفكري والفني والموسيقي والبيئي والزراعي والتجاري والصناعي غيبوا كليا ، وأقصوا وأبعدوا الى المنافي أو هربوا بمحض إرادتهم خوفا من التصفية والاعتقال التعسفي . والذين ظلوا في بلادهم اعيتهم الحرب الأهلية والتهميش ومصادرة أحلامهم الباقية . إن الإنسان العربي بقي حبيس أهواء الطغمة المستبدة وجماعات الجريمة المنظمة والفساد السياسي والأخلاقي والديني وانتماءه فرضا لهوية وطنية وقومية مزيفة . لقد أفرزت الثورات الموت والطائفية والهجرة والانعزال كذلك أرخ الاستبداد الطويل في الحكم سواء أكان جمهوريا او ملكيا للاحرية والموت العقلي والتصفية الجسدية. فكانت المعتقلات والسجون جامعة لكل من اراد ابداء الرأي في مستلزمات الحكم ،واداء الحاكم او من خلال الدعوة لبناء مجتمع مدني ديمقراطي لا يستكين لسلطة الفرد والحاكمية . فتضاءلت الجامعات والمصانع والعقول . وحلت الجوامع والكنائس مكان مراكز البحوث العلمية والفكرية ، مما أدى إلى توقف وتيرة التقدم ، او بالأحرى شلت كليا .فمات حلم جيل كامل ، قبل ان يخرج بكامل لياقته ليستنشق هواء الحرية .
…..