سوريا بين الحل والتقسيم
منذ بداية الأزمة السورية واسمحوا لي هنا أن لا أسميها ثورة، ربما كانت ثورة عندما كان الشعب السوري ينادي ملئ حنجرته.. سلمية.. سلمية.. واحد… واحد.. واحد.. الشعب السوري واحد.
ولكن أين هذة الأزمة من تلك الهتافات نعم تحولت إلى أزمة بعد أن استولى الإخوان المسلمين على زمام أمورها، وقاموا بتسليحها عبر شبّانٍ غرر بعقولهم وآخرون كانوا يحملون ذلك الفكر مسبقاً وسيطرت تركيا عليهم لتنفيذ أطماعها الاستعمارية و واستغلالهم لمواجهة الكرد السوريين الذين تطلعوا لبعض من حقوقهم التي كانوا محرومين منها طوال مئة عام بعد اتفاقية سايكس بيكو التي أقصتهم عن تلك الحقوق و وجهوا بنادقهم نحو صدور الكرد، تارة متهمين الكرد بالانفصاليين، وتارة أخرى بالملاحدة اليساريين، وكلنا نعلم أن هذه الاتهامات كانت آتية من تركيا مستغلة البذرة القومية والتعصب للعروبة لدى الشبان السوريين، ولكن الكورد لم يكونوا أبداً انفصاليين، فدائماً كانت يدهم ممدودة للتآخي والسلام والحوار بين مختلف الثقافات وهذا ليس بخافٍ عن أحد حين ينظر إلى تشكيلة قوات سوريا الديمقراطية فسييعرف هذا بكل سهولة فحتى لم يرضوا أن يسمّوا أنفسهم بوحدات الحماية الكردية الاسم الذي كان الإعلام العربي مصرّاً بأن يلصقه بهم فسمّوا أنفسهم وحدات حماية الشعب فكانوا يعون حجم الحرب التي ستشن ضدهم و وضعوا أنفسهم موضع اتهام لدى إخوتهم الكرد كون مشروعهم كان خاليا أبدا من التعصب للقومية.
ولكن ما يثير استغرابي في الفترة الأخيرة بدأت أصوات تتعالى بين مسؤولي النظام السوري نفسه ليتهموا الكرد بالانفصاليين وعملاء.
لا أعلم أيّ نوع من الحل يريده النظام السوري والمعارضة السورية أو بالأحرى المعارضة الإخوانية.
ولكنني على يقينٍ تام بأن سوريا لن تبقى سوريا بعد كل هذا الدم الذي أريق على ترابها إلّا بتصفية القلوب والاعتراف بالآخر، فسوريا ليست كأيّ بلد يذكر، الثقافات فيها تداخلت ببعضها والشعوب امتزجت دماء أبنائها على تراب هذا الوطن، وإنكار وجود أيّ قومية سواء كانت عربية أو كردية أو درزية أو من الطوائف والمذاهب الدينية لن تساهم في الحل.
ولكن يبقى السؤال الذي يردد على الشفاه بعد كل هذه الدماء والحرب الأهلية، هل سيقبل السني الذي حارب مع الجماعات ذات الفكر المتطرف أن يعيش في ظل حكم العلوي، وهل العلويين الذين خسروا خيرة شبابهم في هذه الحرب سيقبلون أن يعيشوا في ظل حكم سني.
أما الطرف الوحيد الذي نأى بنفسه عن هذه الحرب ولم يعتد على أيّ طرف منهم هم الكرد، بقيوا في مناطقهم ودافعوا عنها ضد التطرف و الارهاب والهجمات الدولة التركية ومرتزقتها، وهنا استغرب بأن يوصف من حارب الإرهاب والغازي التركي بالإنفصاليين.
برأيكم هل ستبقى سوريا لكل السوريين يعيشون فيها متحابين معترفين ببعضهم أم الصراع سيستمر لصالح القوى العظمى و يقسمونها إلى مناطق نفوذ كما تداولتها بعض وسائل الإعلام، كلّ منطقة تتبع نفوذ الدول التي تحمي تلك المناطق ونصبح دون أيّ سيادة.