الوحدة الكردية وحدة الشعب أم الأحزاب؟
يتكرر مصطلح الوحدة في هذه الأيام في شمال شرق سوريا،هل المقصود بذلك، وحدة الشعب الكردي أم وحدة الأحزاب التي لا يمكن حفظ أسماءها لكثرتها وتشابهها اسماً ومعنى؟
يذهب الكثيرون بأن الوحدة الحقيقية يعني وقوف غالبية أبناء المجتمع خلف استراتيجية تضع مصالح غالبية الناس ضمن حسابها وكرامتهم وأمنهم ومستقبل أبنائهم ولكن هذه الوحدة كيف تتم وكيف يمكن الحفاظ عليها؟
تقع المسؤولية على عاتق السلطات الحاكمة “أحزابا ومعارضة”، جزء يسير منها على عاتق الأحزاب المعارضة ، ماذا عملت الأحزاب الكردية التي تعمل في شرق سوريا، لتصل إلى وحدة هذا الشعب وتحول دون تشرذمه في المعمورة؟
السياسات الدفاعية الخارجية كالتحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية والحلف المحارب للإرهاب، لم تخرج عليها شكاوي تذكر وسط الأوساط الشعبية، ولكن في الأمور الخدمية والعمل المؤسساتي فشلت فشلاً ذريعاً مما ترتب على ذلك خسارتها لثقة ناسها أولا، وصل بها الأمر إلى إنها عندما كانت تتظاهر في المدن للتعبير عن التضامن الجماهيري أو الغضب الجماهيري لم يكن يشارك في هذه المظاهرات أحد إذا استثنينا الموظفين والعاملين في مؤسساتها، الملزمين رغما عنهم، على عكس ما كانت الأمور في السنوات الأولى من الأزمة السورية، ولم تقدم التسهيلات للمواطنين بل العكس لم تترد المؤسسة الحاكمة عن وضع العراقيل البيروقراطية، حيث يدخل المواطن في دوامة ومتاهة بين المؤسسات ليقوم بالترخيص لأي مشروع يود القيام به، ناهيك عن نقص الخبرة لدى العاملين في تلك المؤسسات البيروقراطية الخارجية من الكتب القديمة ، الكتب التي لا يقرأها أحد، العمل أصبح مستحيلا في ظل غياب قانون يحمي المواطن من جهل وانتقام مسؤول ناقم عليه أو موظف حدث بينه وبين المواطن حساسية قد تكون موجودة من قبل.
هذا الأمر دعا المواطن إما إلى الهجرة خارج البلاد، ظلم أولاد العمومة أمضى من حدّ السيف، أو اعتزل بيته كارها مغتاظا، خائفا، مخذولا بالثقة التي منحها لهم، أمور كثيرة يثير تدخلهم فيها الأسئلة المريبة والموجعة ، ففي سلك التعليم على سبيل المثال، تم تغيير المناهج التعليمية إلى اللغة الكردية، بالتأكيد حق التعلم باللغة الكردية حق مشروع وملزم ولا جدال في ذلك ولكن الادارة اتجهت إلى فرض التعليم باللغة الكردية بدون دراسة كافية للأمر، خرج المولود مشوها وميتا في ظل عدم توفر كوادر يقومون بهذه المهمة لم يكن أولا وتم فرضه مع قطع كامل مع اللغة العربية التي هي اللغة الرسمية للبلاد التي يسعون إليها كما يعلنون، تم تحويل أجيال كاملة إلى حقول تجارب لخطتهم التعليمية المريبة، يكفي أن يقوموا بتنزيل مادة اللغة الكردية كمادة أساسية ومرسبة لتفي بالغرض المطلوب، حكومة دمشق كانت ستوافق على هذه الفكرة أيضا، ولكن الأسئلة المريبة تبدأ هنا، لمصلحة من هذا الارتجال في القرارات المصيرية؟ من الذي يشرف على هذه القرارات وماذا يريد؟!
سوء التدبير جعل من ألاف المدرسين يجلسون في بيوتهم دون عمل، في الوقت التي قامت فيه الإدارة بتلقين أشخاص لا يملكون أية مؤهلات لتعليمهم على استعجال الألف باء الكردية ليتخرجوا بعد عدة أشهر مدرسين لا علاقة لهم بمعايير التعليم، فقط تعلموا قواعد اللغة الكردية، أمور كثيرة في سوء الإدارة، مثل تعميم الجهل على الناس، جعلت الناس تبتعد، ليصبح مفهوم الوحدة الذي يرفع كشعارالآن مجرد شعار لا أكثر، أن تحققت ستتحقق مثل مشروع التعليم باللغة الكردية من حلم إلى كابوس.
الأحزاب الكردية المستقرة في حضن ورعاية الدولة التركية ،الجار اللدود، التي قدمت أسوأ الأمثلة على الدول بجوارها في الأزمة السورية ومع السوريين عموما والكرد على وجه الأخص، هل ستسمح لهم تركيا بالاتحاد مع حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يتهمونه بأنه الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني؟ ألم تعلمنا الكوارث أن النظر إلى الأمام هو من بديهيات السير؟
لو نجحت الأحزاب التي تحكم الأرض في الحفاظ على وحدة ناسها ومصالحهم لما وجدت نفسها بحاجة إلى الوحدة والتوسل بمن يجلسون في حضن أردوغان ليتحد معهم، هل وعي التاريخ يبدأ بعد الانكسار ؟ تركوا ناسهم ووصلوا إلى درك رجاء الاتحاد مع من دخل مع المحتل التركي وطردهم من عفرين ورأس العين وتل أبيض؟