مقطع 2 من روايتي: ضياع في استنبول

مقطع٢من روايتي : ضياع في استنبول
في فراري الأخير من مكان إقامتي الجبرية كما كنت اسمي احتجازي الطويل، تعرفت على زوجي الذي كان يعمل سائقا على طريق حمص دمشق، وسرعان ما تزوجنا بعد مساكنة لأيام . هو لم يكن لديه بيت ، وأنا أيضا ، صار السرفيس بيتنا المتحرك . فيه حملت بابنتي ، وفيه نمنا فترة طويلة تزيد على ستة أشهر . استأجرنا غرفة على السطوح ، مثلجة شتاء ، تشعرك بأنك تعيش خارجا في العراء وسط الزمهرير . فتتوحد بالصقيع وأنت داخل الجدران الأربعة . وفي الصيف تدرك أنك في قلب قدر مركوز على نار هادئة ،فترى الأبخرة تتصاعد من لحمك المسلوق..
لا شيء يستحق العيش مع زوج لا مبال في القضايا الكبيرة ، ومتشدد في الصغيرة منها . شعاره الذي يرفعه في وجهي :” الرجال قوامون على النساء “. عقله معلق بسلسلة طويلة صدئة تتدلى منها عقول رجال كثر قبله . أعرف أنني فرضته على نفسي ، ولا بد أن أدفع هذه الضريبة بذراعين مفتوحتين على آخرهما . كان يتنفس ويلهث فوقي ، وكنت أختنق من انعدام الأوكسجين حولي . تتحرك سخريته عندما أرسم ، أو حينما أكتب خواطر أو لحظة إعطاء رأيا يناقض ما يريده . كان يقول لي وهو يفتل شاربه المصفر من كثرة التدخين: المثقفون مجموعة من البراغيث تتسلل خلسة لتكتب عن أناس مريضين يشبهونك . حاولت أن أجهض بعد أن عرفت أن الذي ينمو في أحشائي فتاة . كنت أشفق عليها أن تولد في هذا الحوض النتن للعالم ، ولولا طبيبتي النفسية ، لكنت أسقطتها بلا تردد بعملية جراحية .. حتى لو أدى ذلك لموتي…..
يتبع

https://kalamfisyassa.com

اترك رد